للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٨٦٠ - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.

ــ

٤٨٦٠ - (وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ) أَيِ: الْبَاهِلِيِّ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ) : بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ أَيْ: يُخْلَقُ وَيُجْبَلُ (عَلَى الْخِلَالِ) أَيِ: الْخِصَالُ زِنَةً وَمَعْنًى (كُلِّهَا) أَيْ: جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ ; لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا أَوِ الْأَعَمُّ مِنْهَا (إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ) : بِنَصْبِهِمَا أَيْ: غَيْرَهُمَا، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يُخْلَقُ وَيُجْبَلُ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالْأَمَانَةِ، كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّصْدِيقِ وَالْإِيمَانِ، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى بِصِيغَةِ الْحَصْرِ: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النحل: ١٠٥] ، أَيِ: الْكَامِلُونَ فِي الْكَذِبِ أَوِ الْمَجْبُولُونَ عَلَيْهِ. وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ» ". عَلَى مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ، فَمَا يَصْدُرُ عَنِ الْمُؤْمِنِ مِنَ الْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ، فَهُوَ مِنَ الْأُمُورِ الْعَارِضَةِ لِطَبِيعَتِهِ لَا مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِ وَجِبِلَّتِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمُبَالَغَةُ فِي نَفْيِ الْمُؤْمِنِ عَنْهُمَا. قَالَ فِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ: يُطْبَعُ عَلَيْهَا أَيْ: يُخْلَقُ، وَالطَّبَاعُ مَا رُكِّبَ فِي الْإِنْسَانِ مِنْ جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي لَا يَكَادُ يُزَايِلُهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَإِنَّمَا كَانَتِ الْخِيَانَةُ وَالْكَذِبُ مُنَافِيَيْنِ بِحَالِهِ، فَإِنَّ الْإِيمَانَ أَفْعَالٌ مِنَ الْأَمْنِ، وَحَقِيقَتُهُ أَمْنُهُ التَّكْذِيبَ وَالْمُخَالَفَةَ ; وَلِأَنَّهُ حَامِلُ أَمَانَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَمِينًا لَا خَائِنًا (رَوَاهُ أَحْمَدُ) أَيْ: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>