للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٩٥٥ - وَعَنْ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» "، ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٤٩٥٥ - (وَعَنْ أَبِي مُوسَى) أَيِ: الْأَشْعَرِيُّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ) التَّعْرِيفُ لِلْجِنْسِ، وَالْمُرَادُ بَعْضُ الْمُؤْمِنِ لِلْبَعْضِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَيْ: كُلُّ مُؤْمِنٍ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ فِي الْأَوَّلِ، وَلِلْجِنْسِ فِي الثَّانِي أَيِ: الْمُؤْمِنُ الْكَامِلُ لِمُطْلَقِ الْمُؤْمِنِ (كَالْبُنْيَانِ) أَيِ: الْبَيْتِ الْمَبْنِيِّ (يَشُدُّ بَعْضُهُ) أَيْ: بَعْضُ الْبُنْيَانِ (بَعْضًا) وَالْجُمْلَةُ حَالٌ أَوْ صِفَةٌ أَوِ اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ لِوَجْهِ الشَّبَهِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، ثُمَّ لَا شَكَّ أَنَّ الْقَوِيَّ هُوَ الَّذِي يَشُدُّ الضَّعِيفَ وَيُقَوِّيهِ، وَحَاصِلُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَتَقَوَّى فِي أَمْرِ دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ إِلَّا بِمَعُونَةِ أَخِيهِ، كَمَا أَنَّ بَعْضَ الْبِنَاءِ يُقَوِّي بَعْضَهُ (ثُمَّ شَبَّكَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو مُوسَى (بَيْنَ أَصَابِعِهِ) أَيْ: أَدْخَلَ إِحْدَى يَدِهِ بَيْنَ أَصَابِعِ الْيَدِ الْأُخْرَى قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ (ثُمَّ شَبَّكَ) كَالْبَيَانِ لِوَجْهِ الشَّبَهِ أَيْ: شَدًّا مِثْلَ هَذَا الشَّدِّ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) قَالَ مِيرَكُ: اخْتُصَّ الْبُخَارِيُّ بِذِكْرِ التَّشْبِيكِ وَبِدُونِهِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، قُلْتُ: وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِدُونِ التَّشْبِيكِ أَسْنَدَهُ إِلَى الشَّيْخَيْنِ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ أَنَّ ضَمِيرَ (شَبَّكَ) إِلَى أَبِي مُوسَى، فَمَنْ رَوَاهُ إِنَّمَا رَوَاهُ مُدْرَجًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ تَعْظِيمُ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَحَثُّهُمْ عَلَى التَّرَاحُمِ وَالْمُلَاطَفَةِ وَالتَّعَاضُدِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ، وَفِيهِ جَوَازُ التَّشْبِيهِ وَضَرْبِ الْأَمْثَالِ لِتَقْرِيبِ الْمَعَانِي إِلَى الْأَفْهَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>