للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٩٧٥ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ آوَى يَتِيمًا إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ أَلْبَتَّةَ، إِلَّا أَنْ يَعْمَلَ ذَنْبًا لَا يُغْفَرُ. وَمَنْ عَالَ ثَلَاثَ بَنَاتٍ أَوْ مِثْلَهُنَّ مِنَ الْأَخَوَاتِ فَأَدَّبَهُنَّ وَرَحِمَهُنَّ حَتَّى يُغْنِيَهُنَّ اللَّهُ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَاثْنَتَيْنِ؟ قَالَ: " أَوِ اثْنَتَيْنِ " حَتَّى لَوْ قَالُوا: أَوْ وَاحِدَةً؟ لَقَالَ: وَاحِدَةً " وَمَنْ أَذْهَبَ اللَّهُ بِكَرِيمَتَيْهِ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ". قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا كَرِيمَتَاهُ؟ قَالَ: " عَيْنَاهُ» ". رَوَاهُ فِي " شَرْحِ السُّنَّةِ ".

ــ

٤٩٧٥ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ آوَى) : بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَيُقْصَرُ فَفِي النِّهَايَةِ: آوَى وَأَوَى بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْمَقْصُورُ مِنْهُمَا لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ أَيْ ضَمَّ. (يَتِيمًا) : وَالْيَتِيمَةُ بِالْأُولَى أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ (إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ) أَيْ: سَوَاءٌ أَكَلَ مَعَهُ، أَمْ لَا وَالضَّمِيرَانِ لِمَنْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا لِلْيَتِيمِ، وَإِلَى بِمَعْنَى " مَعَ " فَيَكُونُ أَبْلَغَ فِي التَّرْغِيبِ وَيُفْهَمُ الْأَوَّلُ بِالْأَوْلَى (أَوْجَبَ) : أَيْ أَثْبَتَ (اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ) ، أَوْ أَوْجَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِمُقْتَضَى وَعْدِهِ (أَلْبَتَّةَ) ، أَيْ: إِيجَابًا قَاطِعًا بِلَا شَكٍّ وَشُبْهَةٍ (إِلَّا أَنْ يَعْمَلَ ذَنْبًا لَا يُغْفَرُ) الْمُرَادُ مِنْهُ الشِّرْكُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَالَ شَارِحٌ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمَلَكِ أَيِ: الشِّرْكُ، وَقِيلَ مَظَالِمُ الْخَلْقِ. قُلْتُ: وَالْجَمْعُ هُوَ الْأَظْهَرُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ حَقَّ الْعِبَادِ لَا يُغْفَرُ بِمُجَرَّدِ ضَمِّ الْيَتِيمِ أَلْبَتَّةَ، مَعَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ حُقُوقِ الْعِبَادِ أَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ، نَعَمْ يَكُونُ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ، فَالتَّقْدِيرُ إِلَّا أَنْ يَعْمَلَ ذَنْبًا لَا يُغْفَرُ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ أَوْ بِالِاسْتِحْلَالِ وَنَحْوِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ سَائِرَ الذُّنُوبِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تُغْفَرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (وَمَنْ عَالَ ثَلَاثَ بَنَاتٍ) أَيْ: تَعَهَّدَهُنَّ وَقَامَ بِمُؤْنَتِهِنَّ (أَوْ مِثْلَهُنَّ) أَيْ: فِي الْعَدَدِ (مِنَ الْأَخَوَاتِ فَأَدَّبَهُنَّ) أَيِ: الْبَنَاتِ أَوِ الْأَخَوَاتِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: (وَرَحَمَهُنَّ) أَيْ: أَشْفَقَ عَلَيْهِنَّ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ (حَتَّى يُغْنِيَهُنَّ اللَّهُ) : إِمَّا بِمَالٍ، أَوْ بِزَوْجٍ أَوْ بِمَوْتٍ (أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ الْجَنَّةَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَوِ اثْنَتَيْنِ) ؟ قَالَ الطِّيبِيُّ: عَطْفُ تَلْقِينٍ أَيْ قُلْ أَوِ اثْنَتَيْنِ وَلِذَلِكَ (قَالَ: أَوِ اثْنَتَيْنِ) : قُلْتُ: وَ (أَوْ) لِلتَّنْوِيعِ أَوْ بِمَعْنَى " بَلْ " أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِلتَّشْرِيكِ فِي الْحُكْمِ، وَكَأَنَّ الْحُكْمَ الْإِلَهِيَّ كَانَ عَامًّا أَوْ مُطْلَقًا مُفَوَّضًا إِلَيْهِ فَاخْتَارَ الْأَكْثَرَ بِالذِّكْرِ تَرْغِيبًا، فَلَمَّا قِيلَ تَهْوِينًا لِلْأَمْرِ أَوِ اثْنَتَيْنِ قَالَ: أَوِ اثْنَتَيْنِ. (حَتَّى لَوْ قَالُوا) : أَيْ بَعْضُ الصَّحَابَةِ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ الْقَائِلِ (أَوْ وَاحِدَةً) ؟ بِالنَّصْبِ (فَقَالَ: وَاحِدَةً) أَيْ (أَوْ وَاحِدَةً) قَالَ الطِّيبِيُّ: حَتَّى غَايَةِ الْمُرَافَقَةِ أَيْ: لَمْ يَزَلْ يُوَافِقُهُ فِي التَّنَزُّلِ حَتَّى لَوْ قَالَ أَوْ وَاحِدَةً لَوَافَقَهُ اهـ.

وَيُمْكِنُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ عَنْ حُكْمِ الثَّلَاثِ. وَقَالَ رَجُلٌ: أَوِ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ بِوَحْيٍ جَدِيدٍ أَوِ اثْنَتَيْنِ حَتَّى لَوْ قَالُوا أَوْ وَاحِدَةً لَوَافَقَهُمْ بِنَاءً عَلَى عَادَةِ اللَّهِ الْجَارِيَةِ لِلْأُمَّةِ الْمَرْحُومَةِ مِنْ كَمَالِ لُطْفِهِ وَكَرَمِهِ إِلَيْهِمْ بِبَرَكَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَظِيرُهُ: «اللَّهُمَّ ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ. قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ؟» الْحَدِيثَ. اسْتَدْعَى أَنْ يَشْمَلَ الرَّحْمَةَ لِلْمُقَصِّرِينَ أَيْضًا، وَإِنَّمَا وَقَعَ الِالْتِمَاسُ التَّلْقِينِيُّ هُنَا ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا تُوجَدُ عِنْدَ شَخْصٍ ثَلَاثَةٌ أَوِ اثْنَتَانِ فَيَصِيرُ مَحْرُومًا مِنَ الثَّوَابِ وَهُمْ حَرِيصُونَ عَلَى تَحْصِيلِهِ مِنْ كُلِّ بَابٍ، كَمَا وَرَدَ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>