٤٩٨٩ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٤٩٨٩ - (وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَنْزِلُوا النَّاسَ) : أَمْرٌ مِنَ الْإِنْزَالِ وَقَوْلُهُ: (مَنَازِلَهُمْ) مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ قِيلَ: أَيْ: مَقَامَاتِهِمُ الْمُعَيَّنَةِ الْمَعْلُومَةِ لَهُمْ قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ الْمَلَائِكَةِ: " {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} [الصافات: ١٦٤] " وَلِكُلِّ أَحَدٍ مَرْتَبَةٌ وَمَنْزِلَةٌ لَا يَتَخَطَّاهَا إِلَى غَيْرِهَا، فَالْوَضِيعُ لَا يَكُونُ فِي مَوْضِعِ الشَّرِيفِ، وَلَا الشَّرِيفُ فِي مَنْزِلِ الْوَضِيعِ، فَاحْفَظُوا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مَنْزِلَتَهُ، وَلَا تُسَوُّوا بَيْنَ الْخَادِمِ وَالْمَخْدُومِ، وَالسَّائِدِ وَالْمُسَوَّدِ، وَأَكْرِمُوا كُلًّا عَلَى حَسَبِ فَضْلِهِ وَشَرَفِهِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [الزخرف: ٣٢] وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: " {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١] " وَهَذَا الْحَدِيثُ مَبْدَأُ فَهْمِ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فِي تَفَاضُلِ الْأَنْبِيَاءِ، وَتَفْضِيلِ الْبَشَرِ عَلَى الْمَلَكِ وَتَفْضِيلِ الْخُلَفَاءِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِنَ الْمَبَاحِثِ كَمَا أَنَّهُ مَنْشَأُهُمُ الْأَغْنِيَاءَ وَالْأَغْبِيَاءَ وَالْمُتَكَبِّرِينَ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْوُزَرَاءِ عَلَى مَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي مَجَالِسِ الْحَوَادِثِ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ، وَفَهِمَ كُلُّ فَرِيقٍ مَذْهَبَهُمْ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) أَيْ: مِنْ طَرِيقِ مَيْمُونِ بْنِ شُعَيْبَ عَنْ عَائِشَةَ، وَقَالَ: مَيْمُونُ بْنُ شُعَيْبَ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ اهـ. وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ: مَيْمُونٌ عَنْ عَائِشَةَ مُتَّصِلٌ؟ قَالَ: لَا نَقَلَهُ مِيرَكُ عَنِ التَّصْحِيحِ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبِي دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ، فَالِاعْتِرَاضُ مُتَوَجِّهٌ عَلَى صَاحِبِ الْمَصَابِيحِ، وَكَذَا عَلَى صَاحِبِ الْمِشْكَاةِ فِي غَفْلَةِ الْأَوَّلِ بِإِيرَادِهِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي، وَفِي تَقْصِيرِ الثَّانِي بِقُصُورِ التَّتَبُّعِ، بَلْ وَعَلَى صَاحِبِ التَّصْحِيحِ إِنْ كَانَ نَقْلُ الْجَامِعِ هُوَ الصَّحِيحَ، هَذَا وَرَوَاهُ الْخَرَائِطِيُّ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ بِلَفْظِ: «أَنْزِلِ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَأَحْسِنْ أَدَبَهُمْ عَلَى الْأَخْلَاقِ الصَّالِحَةِ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute