للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٩٩٢ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فُلَانَةً تُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا. قَالَ: " هِيَ فِي النَّارِ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَإِنَّ فُلَانَةً تُذْكَرُ قِلَّةَ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ وَلَا تُؤْذِي بِلِسَانِهَا جِيرَانَهَا قَالَ: " هِيَ فِي الْجَنَّةِ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ ".

ــ

٤٩٩٢ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فُلَانَةً) : بِفَتْحِ آخِرِهَا وَهَى كِنَايَةٌ عَنِ اسْمِ امْرَأَةٍ (تُذْكَرُ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مُسْنَدٍ إِلَى ضَمِيرِ " فُلَانَةً "، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا تُذْكَرُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ بِطَرِيقِ الشُّهْرَةِ (مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا) أَيْ: مِنْ أَجْلِ هَذِهِ النَّوَافِلِ، وَ (مِنْ) تَعْلِيلِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ (تُذْكَرُ) (غَيْرَ أَنَّهَا) أَيْ: إِلَّا أَنَّهَا (تُؤْذِي) : قَالَ الطِّيبِيُّ: الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ يَعْنِي لَكِنْ تُؤْذِي (جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا) . وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّقْيِيدِ بِاللِّسَانِ أَنَّهُ أَغْلَبُ مَا يُؤْذَى بِهِ وَأَقْوَى مَا يَتَأَذَّى لَهُ الْإِنْسَانُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

جِرَاحَاتُ السِّنَّانِ لَهَا الْتِئَامُ ... وَلَا يَلْتَامُ مَا جَرَحَ اللِّسَانُ

(قَالَ: هِيَ فِي النَّارِ) . أَيْ: لِارْتِكَابِ النَّفْلِ الْمُبَاحِ تَرْكُهُ وَاكْتِسَابِ الْأَذَى الْمُحَرَّمِ فِي الشَّرْعِ، وَفِي نَظِيرِهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَاقِعُونَ حَتَّى عِنْدَ دُخُولِ الْبَيْتِ الشَّرِيفِ، وَاسْتِلَامِ الرُّكْنِ الْمُنِيفِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ عَمَلُ الظَّلَمَةِ مِنْ جَمْعِ مَالِ الْحَرَامِ وَصَرْفِهِ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ، وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ. (قَالَ) أَيِ: الرَّجُلُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فُلَانَةً) أَيْ: غَيْرَهَا (تُذْكَرُ) أَيْ: عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ (قِلَّةَ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصِلَاتِهَا) ، وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا قَالَ الطِّيبِيُّ: الْقَرِينَةُ الثَّانِيَةُ لَيْسَتْ فِيهَا مِنْ " وَقِلَّةَ " نُصِبَ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ اهـ. وَكَأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ رِوَايَةُ النَّصْبِ كَمَا تَقْتَضِي مُرَاعَاةُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْقَرِينَتَيْنِ، وَإِلَّا فَلَوْ رُوِيَ أَوْ قُرِئَ بِالرَّفْعِ فَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنَّهَا) : بِالْكَسْرِ (تُصَدَّقُ) : بِحَذْفِ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَضَمِّ الْقَافِ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ وَإِنْ رُوِيَ بِفَتْحِ أَنَّ عَطْفًا عَلَى (أَنَّهَا) مَعْمُولُ (تُذْكَرُ) ، فَلَهُ وَجْهٌ فَتُذْكَرُ. وَالْمَعْنَى أَنَّهَا تَتَصَدَّقُ. (بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ) ، أَيْ: بِقِطَعٍ مِنْهُ جَمْعُ ثَوْرٍ بِالْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْأَقِطِ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، فَفِي الْكَلَامِ تَجْرِيدٌ أَوْ تَوْكِيدٌ، وَفِي ذِكْرِهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ صَدَقَتَهَا بِالنِّسْبَةِ لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ قَلِيلَةٌ جِدًّا، ثُمَّ فِي الْقَرِينَةِ الثَّانِيَةِ تَوَسَّطَتِ الْعِبَادَةُ الْمَالِيَّةُ بَيْنَ عِبَادَتَيِ الْبَدَنِيَّةِ لَعَلَّهَا بِسَبَبِ طَرَفَيْهَا تَنْجَبِرُ قِلَّتُهَا. (وَلَا تُؤْذِي بِلِسَانِهَا جِيرَانَهَا) : عَطْفٌ عَلَى تَصَدَّقُ أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>