٥٠٢٩ - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلٌ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ. فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٥٠٢٩ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُفْتَحُ) بِالتَّذْكِيرِ وَيُؤَنَّثُ مُخَفَّفًا مَجْهُولًا (أَبْوَابُ الْجَنَّةِ) : أَيْ: أَبْوَابُ طَبَقَاتِهَا أَوْ غُرَفِهَا وَدَرَجَاتِهَا. (يَوْمَ الْاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ) أَيْ: لِكَثْرَةِ الرَّحْمَةِ النَّازِلَةِ فِيهِمَا الْبَاعِثَةِ عَلَى الْمَغْفِرَةِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: مَعْنَى فَتْحِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ كَثْرَةُ الصَّفْحِ وَالْغُفْرَانِ، وَرَفْعُ الْمَنَازِلِ وَإِعْطَاءُ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِنَّ فَتَحَ أَبْوَابَهَا عَلَامَةٌ لِذَلِكَ (فَيُغْفَرُ) أَيْ: فِيهِمَا كَمَا فِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. (لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ) : صِفَةُ عَبْدٍ (شَيْئًا) أَيْ: مِنَ الْإِشْرَاكِ أَوْ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَوْ شَيْئًا مِنْ شِرْكٍ جَلِيٍّ أَوْ خَفِيٍّ، وَفِي رِوَايَةٍ: لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مُؤْمِنٌ كَامِلٌ. (إِلَّا رَجُلٌ) : بِالرَّفْعِ فِي جَمِيعِ نُسَخِ الْمِشْكَاةِ أَيْ: إِلَّا ذَنْبَ رَجُلٍ فَالْمُضَافُ مُقَدَّرٌ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ النَّصْبُ، كَذَا قَالَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ، وَفِيهِ أَنَّ تَقْدِيرَ الْمُضَافِ لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ رَفْعًا نَعَمْ لَوْ رُوِيَ بِالْجَرِّ لَكَانَ وَجْهٌ بِأَنْ حَذَفَ الْمُضَافَ الْمَنْصُوبَ وَأَبْقَى الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَجْرُورًا عَلَى حَالِ أَصْلِهِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: وَالظَّاهِرُ فِيهِ النَّصْبُ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ كَلَامٍ مُوجَبٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْكَلَامَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ: لَا يَبْقَى ذَنْبُ أَحَدٍ إِلَّا ذَنْبُ رَجُلٍ وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} [البقرة: ٢٤٩] أَيْ: فَلَمْ يُطِيعُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمُ اهـ. وَقِرَاءَةُ الرَّفْعِ شَاذَّةٌ وَالْمُتَوَاتِرَةُ بِالنَّصْبِ، وَقِيلَ: وَجْهُ رَفْعِهِ أَنَّهُ صِفَةٌ لِكُلِّ عَبْدٍ، فَإِنَّ مَحَلَّهُ الرَّفْعُ وَإِلَّا بِمَعْنَى غَيْرِ أَيْ غَيْرُ رَجُلٍ، (كَانَتْ) : وَفِي نُسْخَةٍ كَانَ (بَيْنَهُ) أَيْ: بَيْنَ الرَّجُلِ (وَبَيْنَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ شَحْنَاءُ) : فَعْلَاءُ مِنَ الشَّحْنِ أَيْ عَدَاوَةٍ تَمْلَأُ الْقَلْبَ (فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الظَّاءِ أَيْ: أَمْهِلُوا (هَذَيْنِ) أَيِ: الرَّجُلَيْنِ وَأَخِّرُوا مَغْفِرَتَهُمَا مِنْ ذُنُوبِهِمَا مُطْلَقًا زَجْرًا لَهُمَا، أَوْ مِنْ ذَنْبِ الْهِجْرَانِ فَقَطْ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ (حَتَّى يَصْطَلِحَا) أَيْ: يَتَصَالَحَا، وَيَزُولَ عَنْهُمَا الشَّحْنَاءُ فَلَا يُفِيدُ التَّصَالُحَ لِلسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَغْفِرَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى صَفَائِهِ، وَزَوَالِ عَدَاوَتِهِ سَوَاءٌ صَفَا صَاحِبُهُ أَمْ لَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَأَتَى بِاسْمِ الْإِشَارَةِ بَدَلَ الضَّمِيرِ لِمَزِيدِ التَّمْيِيزِ وَالتَّعْيِينِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَكَذَا الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ، وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute