الْكُتَّابِ، وَقَدْ قَالَ مِيرَكُ: صَوَابُهُ الْأَسْلَمِيُّ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: أَبُو خِرَاشٍ حَدْرَدُ بْنُ أَبِي حَدْرَدَ الْأَسْلَمِيُّ. قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي الْكُنَى: أَبُو خِرَاشٍ الْأَسْلَمِيُّ اسْمُهُ حَدْرَدُ بْنُ أَبِي حَدْرَدَ. وَقَالَ فِي الْأَسْمَاءِ: حَدْرَدُ بْنُ حَدْرَدَ الْأَسْلَمِيُّ، صَحَابِيٌّ لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. (أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ) أَيْ: هَجَرَهُ سَنَةً (كَسَفْكِ دَمِهِ) السَّفْكُ الْإِرَاقَةُ وَالصَّبُّ يَعْنِي مُهَاجَرَةُ الْأَخِ الْمُسْلِمِ سَنَةً تُوجِبُ الْعُقُوبَةَ، كَمَا أَنَّ سَفْكَ دَمِهِ يُوجِبُهَا فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالسَّفْكِ مِنْ حَيْثُ حُصُولُ الْعُقُوبَةِ بِسَبَبِهَا لِأَنَّهَا مِثْلُهُ فِي الْعُقُوبَةِ لِأَنَّ الْقَتْلَ كَبِيرَةٌ عَظِيمَةٌ لَا يَكُونُ بَعْدَ الشِّرْكِ أَعْظَمُ مِنْهُ، فَشُبِّهَ الْهِجْرَانُ بِهِ تَأْكِيدًا فِي الْمَنْعِ عَنْهُ وَفِي الْمُشَابَهَةِ تَكْفِي الْمُسَاوَاةُ فِي بَعْضِ الصِّفَاتِ، كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَدِيثِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: التَّشْبِيهُ إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ لِلْمُبَالَغَةِ، كَمَا يُقَالُ: زِيدٌ كَالْأَسَدِ إِلْحَاقًا لَهُ بِالْأَسَدِ فِي الْجَرَاءَةِ وَأَنَّهُ نَظِيرُهُ فِيهَا، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ أَنَّهُ دُونَهُ كَذَلِكَ هَهُنَا، لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَهْجُرَ مُؤْمِنًا فَوْقَ ثَلَاثٍ» " دَلَّ عَلَى أَنَّ التَّهَاجُرَ فَوْقَ الثَّلَاثِ حَرَامٌ، وَرَاكِبُهُ رَاكِبُ الْإِثْمِ، فَإِذَا امْتَدَّ إِلَى مُدَّةٍ يَهْجُرُ فِيهَا الْغَائِبُ وَالْمُسَافِرُ عَنْ أَهْلِهِ غَالِبًا بَلَغَ التَّهَاجُرُ وَالتَّقَاطُعُ إِلى الْغَايَةِ، فَيَبْلُغُ إِثْمُهُ أَيْضًا إِلَى الْغَايَةِ، وَهَذَا مَعْنَى تَخْصِيصِ ذِكْرِهِ السَّنَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَخْصِيصُ السَّنَةِ بِالْكَرِّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ، فَإِذَا لَمْ يَعْتَدِلْ مِزَاجُهُ بِمُرُورِ السَّنَةِ عَلَيْهِ فَلَا يُرْجَى رُجُوعُهُ، وَنَظِيرُهُ مَسْأَلَةُ الْعِنِّينِ الْمَنْقُولَةُ فِي الْفُرُوعِ الْمَعْلُومَةِ بِمَا قُلْنَا فِي الْأُصُولِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) . قَالَ مِيرَكُ: وَسَكَتَ عَنْهُ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ وَأَقَرَّهُ الذَّهَبِيُّ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute