٥٠٦١ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التِّيِّهَانِ: " هَلْ لَكَ خَادِمٌ؟ فَقَالَ: لَا. قَالَ: " فَإِذَا أَتَانَا سَبْيٌ فَأْتِنَا. فَأُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَأْسَيْنِ، فَأَتَاهُ أَبُو الْهَيْثَمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْتَرْ مِنْهُمَا. فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! اخْتَرْ لِي فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ. خُذْ هَذَا فَإِنِّي رَأَيْتُهُ يُصَلِّي، وَاسْتَوْصِ بِهِ مَعْرُوفًا» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
٥٠٦١ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ) : بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ وَبِالنُّونِ ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَرْجَمَتُهُ فِي بَابِ الضِّيَافَةِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ ذَيْلٌ لِذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَقَدْ بَيَّنَاهُ هُنَاكَ (هَلْ لَكَ خَادِمٌ) ؟ أَيْ عَبْدٌ (قَالَ: لَا. قَالَ: فَإِذَا أَتَانَا سَبْيٌ) أَيْ: أُسَارَى (فَأْتِنَا فَأُتِيَ) أَيْ: جِيءَ (النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَأْسَيْنِ) أَيْ مِنَ الْعَبِيدِ (فَأَتَاهُ أَبُو الْهَيْثَمِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اخْتَرْ مِنْهُمَا) أَيْ: وَاحِدًا مِنْهُمَا أَوْ بَعْضَهُمَا (فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! اخْتَرْ لِي) أَيْ: أَنْتَ أَوْلَى بِالِاخْتِيَارِ، فَإِنَّكَ الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارَ وَعَلَى اخْتِيَارِكَ الْمَدَارُ (فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : تَوْطِئَةٌ وَتَمْهِيدٌ (إِنَّ الْمُسْتَشَارَ) : مَنِ اسْتَشَارَهُ طَلَبَ رَأْيَهُ فِيمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ (مُؤْتَمَنٌ) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْأَمَانَةِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُسْتَشَارَ أَمِينٌ فِيمَا يُسْأَلُ مِنَ الْأُمُورِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخُونَ الْمُسْتَشِيرَ بِكِتْمَانِ مَصْلَحَتِهِ (خُذْ هَذَا) أَيْ: مُشَارًا إِلَى أَحَدِهِمَا (فَإِنِّي رَأَيْتُهُ يُصَلِّي) . فِيهِ أَنَّهُ يَسْتَدِلُّ عَلَى خَيْرِيَّةِ الرَّجُلِ بِمَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ مِنْ آثَارِ الصَّلَاحِ لَا سِيَّمَا الصَّلَاةِ ; فَإِنَّهَا تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكِرِ (وَاسْتَوْصِ بِهِ مَعْرُوفًا) أَيِ اسْتِيصَاءَ مَعْرُوفٍ. قِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تَأْمُرْهُ إِلَّا بِالْمَعْرُوفِ وَالنُّصْحِ لَهُ، وَقِيلَ: وَصِّ فِي حَقِّهِ بِمَعْرُوفِ كَذَا ذَكَرَهُ زَيْنُ الْعَرَبِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَيِ: اقْبَلْ وَصِيَّتِي فِي حَقِّهِ وَأَحْسِنْ مِلْكَتَهُ بِالْمَعْرُوفِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) أَيْ: فِي جَامِعِهِ، وَكَذَا فِي الشَّمَائِلِ مُطَوَّلًا كَمَا أَوْرَدْنَاهُ فِي بَابِ الضِّيَافَةِ، وَفِيهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ الْعَبْدَ لِأَجْلِ وَصِيَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَمَّا حَدِيثُ: " «الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» ". فَقَدْ رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ سَمُرَةَ وَلَفْظُ: " «الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ، إِنْ شَاءَ أَشَارَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُشِرْ» ". وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ عَلِيٍّ، بِلَفْظِ: " «الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ إِنْ شَاءَ أَشَارَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُشِرْ» ". وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ عَلِيٍّ لِلَفْظِ: " «الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ، فَإِذَا اسْتُشِيرَ فَلْيُشِرْ بِمَا هُوَ صَانِعٌ لِنَفْسِهِ» ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute