الْفَرِيقِ الْكَمَلِ. (ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ! ثَلَاثٌ) أَيْ: خِصَالٌ (كُلُّهُنَّ حَقٌّ) أَيْ: ثَابِتٌ وَصِدْقٌ (مَا مِنْ عَبْدٍ ظُلِمَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (بِمَظْلِمَةٍ) : بِكَسْرِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ بِفَتْحِهَا أَيْضًا، وَأَنْكَرَهُ بَعْضٌ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ بِالضَّمِّ أَيْضًا. وَفِي الْمُغْرِبِ: الْمَظْلِمَةُ الظُّلْمُ وَاسْمُ الْمَأْخُوذُ، وَفِي الْقَامُوسِ: الظُّلْمُ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَالْمَظْلِمَةِ بِكَسْرِ اللَّامِ مَا يَظْلِمُهُ الرَّجُلُ. (فَيُغْضِي) : مِنَ الْإِغْضَاءِ بِالْغَيْنِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَتَيْنِ، وَهُوَ إِدْنَاءُ الْجُفُونِ بِمَعْنَى الْإِغْمَاضِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا الْإِعْرَاضُ، وَفِي نُسْخَةٍ فَيُعْفَى بِالْعَيْنِ الْمُهْمِلَةِ مِنَ الْإِعْفَاءِ وَهُوَ لُغَةٌ فِي الْعَفْوِ وَالْمَعْنَى فَيُسَامِحُ (عَنْهَا) أَيْ: عَنْ تِلْكَ الْمَظْلِمَةِ وَيَتْرُكُ جَوَاهَا أَوِ الْمُطَالَبَةَ بِهَا فِي الدُّنْيَا أَوْ مُطْلَقًا (لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) أَيْ: لَا لِفَخْرٍ وَلَا سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ (إِلَّا أَعَزَّ اللَّهُ بِهَا) أَيْ: بِمُقَابَلَةِ تِلْكَ الْمَظْلِمَةِ وَالْإِهَانَةِ أَوْ بِسَبَبِ تِلْكَ الْخَصْلَةِ الْمُعَانَةِ (نُصْرَةً) أَيْ: إِعَانَتَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ عَطِيَّةٍ) أَيْ: صَدَقَةٍ (يُرِيدُ بِهَا صِلَةً) أَيْ: صِلَةً لِلرَّحِمِ وَالْقَرَابَةِ أَوْ وَصْلَةً لِلْقُرْبَةِ وَفِي رِوَايَةٍ (بَابَ عَطِيَّةٍ) بِصَدَقَةٍ أَوْ صِلَةٍ (إِلَّا زَادَ اللَّهُ بِهَا كَثْرَةً) أَيْ: بَرَكَةً صُورِيَّةً وَمَعْنَوِيَّةً (وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ) أَيْ: سُؤَالٍ مِنْ مَخْلُوقٍ (يُرِيدُ بِهَا كَثْرَةً) أَيْ: لَا دَفْعَ حَاجَةٍ ضَرُورِيَّةٍ تُلْجِئُهُ (إِلَّا زَادَ اللَّهُ بِهَا قِلَّةً) أَيْ: حِسِّيَّةً أَوْ حَقِيقِيَّةً، وَفِي رِوَايَةٍ (إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى) فِي الْمَوْضِعَيْنِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ) : وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي ذَمِّ الْغَضَبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَلَفْظُهُ: ( «ثَلَاثٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ مَا نَقَصَ مَالٌ قَطُّ مِنْ صَدَقَةٍ فَتَصَدَّقُوا، وَلَا عَفَا رَجُلٌ عَنْ مَظْلِمَةٍ ظُلِمَهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ بِهَا عَزًّا فَاعْفُوا يَزِدْكُمُ اللَّهُ عِزًّا، وَلَا فَتَحَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ يَسْأَلُ النَّاسَ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ» ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ وَلَفْظُهُ: «ثَلَاثٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلِمَةً صَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِزًّا، وَلَا فَتْحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ، إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ: عَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهَ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا. فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٌ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا، فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute