(وَفِي أُخْرَى لَهُ) : أَيْ: لِلْبُخَارِيِّ (فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ) : كِنَايَةٌ عَنِ الِاسْتِنْشَاقِ أَوْ مِنْ لَوَازِمِهِ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَرْفَةٍ) : بِالْفَتْحِ وَيُضَمُّ (وَاحِدَةٍ) : أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثِ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْمَرَّاتِ الثَّلَاثِ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَبْعُدُ تَثْلِيثُهُمَا مَعًا مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَ هُوَ وَجْهًا لِلشَّافِعِيَّةِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: وَإِنَّمَا أَطْنَبْنَا الْكَلَامَ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَصَابِيحِ بِلَفْظِهِ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَالنَّسَائِيِّ، فَأَمَّا مَعْنَاهُ فَمَا ذَكَرْتُهُ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَقِبَهُ، وَبَقِيَّةُ الرِّوَايَاتِ إِنَّمَا أَوْرَدْتُهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ مَا فِي الْمَصَابِيحِ مِنْهَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: كَأَنَّهُ اعْتِرَاضٌ عَلَى الشَّيْخِ مُحْيِي السُّنَّةِ حَيْثُ أَوْرَدَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي الصِّحَاحِ، مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ كَمَا عَزَاهُ صَاحِبُ التَّخْرِيجِ إِلَيْهِمَا حَيْثُ قَالَ: وَرَوَاهُ الْجَمَاعَةُ فِي الصِّحَاحِ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ اهـ.
وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْجَوَابَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ نَفَى وُجُودَ لَفْظِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ لَا مَعْنَاهُ، وَصَاحِبُ التَّخْرِيجِ أَثْبَتَ ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَلِذَا قَالَ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ، بَلِ الْمُصَنِّفُ بِنَفْسِهِ أَوْرَدَ تِلْكَ الْأَلْفَاظَ الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَاعْتَذَرَ بِالْإِطْنَابِ الْمُتَضَمِّنِ لِذَلِكَ الْجَوَابِ، وَإِنْ كَانَ الِاعْتِرَاضُ وَارِدًا فِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّ الشَّرْطَ أَوَّلَ الْكِتَابِ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْحَدِيثِ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute