٥١١٤ - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ.
ــ
٥١١٤ - (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ) أَيْ: ظَهَرَ أَثَرُ غَضَبِهِ عَلَى أَحَدٍ (وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ) : لِأَنَّ الْمُعَالَجَةَ بِالْأَضْدَادِ وَالْقُوَّةِ الْغَضَبِيَّةِ النَّاشِئَةِ مِنَ الْوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِيَّةِ تَقْتَضِي الْخِفَّةَ وَالتَّعْلِيَةَ الَّتِي مِنْ خَوَاصِّ النَّارِ وَالْقِيَامِ لِأَجْلِ الِانْتِقَامِ، فَمُخَالَفَتُهُ بِالْجُلُوسِ الْمُشِيرِ إِلَى الْقُعُودِ عَنِ الْفِتْنَةِ نَافِعَةٌ جِدًّا (فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ) أَيْ: أَثَرُ حَرَارَتِهِ وَقُوَّةُ مَرَارَتِهِ بِالْجُلُوسِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ بِهِ (فَلْيَضْطَجِعْ) : مُبَالَغَةٌ فِي الْمُعَالَجَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَى رُجُوعِ الْإِسْنَادِ إِلَى مَأْخَذِهِ مِنَ التَّوْبَةِ الْمُنَاسِبَةِ لِلتَّوَاضُعِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِ الشَّيْطَانِ بِمُقْتَضَى جِبِلَّيَّتِهِ مِنَ الشُّعْلَةِ النَّارِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّكَبُّرِ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَرْجِعُ إِلَى أَصْلِهِ، هَذَا وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِالْقُعُودِ وَالِاضْطِجَاعِ لِئَلَّا يَحْصُلَ مِنْهُ فِي حَالِ غَضَبِهِ مَا يَنْدَمُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْمُضْطَجِعَ أَبْعَدُ مِنَ الْحَرَكَةِ وَالْبَطْشِ مِنَ الْقَاعِدِ، وَالْقَاعِدَ مِنَ الْقَائِمِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ التَّوَاضُعَ وَالْخَفْضَ، لِأَنَّ الْغَصْبَ مَنْشَؤُهُ التَّكَبُّرُ وَالتَّرَفُّعُ. قُلْتُ: لَا مَنْعَ مِنَ الْجَمْعِ، فَإِنَّ كَلَامَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْبَعُ الْحِكَمِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الصَّنِيعُ مِنْهُ قَبْلَ الْوُضُوءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ إِنْ لَمْ يَذْهَبِ الْغَضَبُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالسَّرَائِرِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ) : وَكَذَا أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute