للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحَاصِلُ الْمَعْنَى تَحْمُّلُ الْأَذَى مِنَ الْخَلْقِ رِضًا بِمَا قَضَى لَهُ الْحَقُّ، وَمُجْمَلُهُ أَنَّ الْمُدَاهَنَةَ إِنَّمَا تَكُونُ فِي الْبَاطِلِ مَعَ الْأَعْدَاءِ، وَالْمُدَارَاةُ فِي أَمْرِ حَقٍّ مَعَ الْأَحِبَّاءِ. قَالَ الْأَشْرَفُ: شَبَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُدَاهِنَ فِي حُدُودِ اللَّهِ بِالَّذِي فِي أَعْلَى السَّفِينَةِ، وَشَبَّهَ الْوَاقِعَ فِي تِلْكَ الْحُدُودِ بِالَّذِي فِي أَسْفَلِهَا، وَشَبَّهَ انْهِمَاكَهُمْ فِي تِلْكَ الْحُدُودِ وَعَدَمَ تَرْكِهِ إِيَّاهَا بِنَقْرِهِ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، وَعَبَّرَ عَنْ نَهْيِ النَّاهِي الْوَاقِعِ فِي تِلْكَ الْحُدُودِ بِالْأَخْذِ عَلَى يَدَيْهِ، وَبِمَنْعِهِ إِيَّاهُ عَنِ النَّقْرِ، وَعَبَّرَ عَنْ فَائِدَةِ ذَلِكَ الْمَنْعِ بِنَجَاةِ النَّاهِي وَالْمَنْهِيِّ، وَعَبَّرَ عَنْ عَدَمِ نَهْيِ النُّهَاةِ بِالتَّرْكَ، وَعَبَّرَ عَنِ الذَّنْبِ الْخَاصِّ لِلْمُدَاهِنِينَ الَّذِينَ مَا نَهَوُا الْوَاقِعَ فِي حُدُودِ اللَّهِ بِإِهْلَاكِهِمْ إِيَّاهُ وَأَنْفُسَهُمْ، وَكَأَنَّ السَّفِينَةَ عِبَارَةٌ عَنِ الْإِسْلَامِ الْمُحِيطِ بِالْفَرِيقَيْنِ، وَإِنَّمَا جَمَعَ فِرْقَةَ النُّهَاةِ إِرْشَادًا إِلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَا بُدَّ وَأَنَّ يَتَعَاوَنُوا عَلَى أَمْثَالِ هَذَا النَّهْيِ، أَوْ إِلَى أَنَّ مَنْ يَصْدُرُ عَنْهُ هَذَا النَّهْيُ فَهُوَ كَالْجَمْعِ. قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل: ١٢٠] وَأَفْرَدَ الْوَاقِعَ فِي حُدُودِ اللَّهِ لِأَدَائِهِ إِلَى ضِدِّ الْكَمَالِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>