للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢٥] كِتَابُ الرِّقَاقِ

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٥١٥٥ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ــ

[٢٥] كِتَابُ الرِّقَاقِ

الرِّقَاقُ: بِالْكَسْرِ جَمْعُ رَقِيقٍ، وَهُوَ الَّذِي لَهُ رِقَّةٌ أَيْ: لَطَافَةٌ قَالَهُ شَارِحٌ، وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ السُّيُوطِيُّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْكَلِمَاتُ الَّتِي تَرِقُّ بِهَا الْقُلُوبُ إِذَا سُمِعَتْ، وَتَرْغَبُ عَنِ الدُّنْيَا بِسَبَبِهَا، وَتَزْهَدُ فِيهَا. سُمِّيَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُحْدِثُ رِقَّةً وَرَحْمَةً.

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٥١٥٥ - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نِعْمَتَانِ) : مُبْتَدَأٌ (مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) : صِفَةٌ لَهُ أَوْ خَبَرُهُ (الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) أَيْ: صِحَّةُ الْبَدَنِ وَالْقُوَّةُ الْكَسْبِيَّةُ وَفَرَاغُ الْخَاطِرِ بِحُصُولِ الْأَمْنِ، وَوُصُولُ كِفَايَةِ الْأَمْنِيَّةِ، وَالْمَعْنَى لَا يَعْرِفُ قَدْرَ هَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ حَيْثُ لَا يَكْسِبُونَ فِيهِمَا مِنَ الْأَعْمَالِ كِفَايَةَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي مَعَادِهِمْ فَيَنْدَمُونَ عَلَى تَضْيِيعِ أَعْمَارِهِمْ عِنْدَ زَوَالِهَا وَلَا يَنْفَعُهُمُ النَّدَمُ. قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن: ٩] وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَيْسَ يَتَحَسَّرُ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَّا عَلَى سَاعَةٍ مَرَّتْ بِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهَا» ". وَفِي حَاشِيَةِ السُّيُوطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ الْعُلَمَاءُ، مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَتَفَرَّغُ لِلطَّاعَةِ إِلَّا إِذَا كَانَ مُكَفِّيًا صَحِيحَ الْبَدَنِ، فَقَدْ يَكُونُ مُسْتَغْنِيًا وَلَا يَكُونُ صَحِيحًا، وَقَدْ يَكُونُ صَحِيحًا وَلَا يَكُونُ مُسْتَغْنِيًا، فَلَا يَكُونُ مُتَفَرِّغًا لِلْعِلْمِ وَالْعَمَلِ لِشُغْلِهِ بِالْكَسْبِ، فَمَنْ حَصَلَ لَهُ الْأَمْرَانِ وَكَسَلَ عَنِ الطَّاعَةِ، فَهُوَ الْمَغْبُونُ أَيِ: الْخَاسِرُ فِي التِّجَارَةِ. مَأْخُوذٌ مِنَ الْغَبْنِ فِي الْبَيْعِ اهـ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْغَبْنُ كِنَايَةً عَنْ فَسَادِ حَالِهِ وَضَيَاعِ مَالِهِ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ:

إِنَّ الشَّبَابَ وَالْفَرَاغَ وَالْجِدَهْ ... مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيُّ مَفْسَدَهْ

وَقَالَ الْعَارِفُ بِاللَّهِ ابْنُ الْفَارِضِ:

عَلَى نَفْسِهِ فَلْيَبْكِ مَنْ ضَاعَ عُمْرُهُ ... وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ وَلَا سَهْمُ

(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) : وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>