للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالْآلِ خَوَاصُّ أُمَّتِهِ مِنْ أَرْبَابِ الْكَمَالِ مَا وَرَدَ فِي دُعَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَمْرِو بْنِ غَيْلَانَ الثَّقَفِيِّ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: " «اللَّهُمَّ مَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي وَعَلِمَ أَنَّ مَا جِئْتُ بِهِ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَقْلِلْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَحَبِّبَ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ وَعَجِّلْ لَهُ الْقَضَاءَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِي وَلَمْ يُصَدِّقْنِي وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا جِئْتُ بِهِ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَأَطِلْ عُمُرَهُ» " وَلَعَلَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ مَا وَرَدَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «قَلِيلٌ يَكْفِيكَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ يُطْغِيكَ» ". وَفِي رِوَايَةٍ: «قَلِيلٌ تُؤَدِّي شُكْرَهُ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ لَا تُطِيقُهُ» ، وَنِعْمَ مَا قَالَ بَعْضُ أَرْبَابِ الْحَالَ:

زِيَادَةُ الْمَرْءِ فِي دُنْيَاهُ نُقْصَانُ ... وَرِبْحُهُ غَيْرَ مَحْضِ الْخَيْرِ خُسْرَانُ

هَذَا وَفِي النِّهَايَةِ: الْكَفَافُ هُوَ الَّذِي لَا يَفَضِلُ عَنِ الشَّيْءِ وَيَكُونُ بِقَدَرِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُفَسِّرَةٌ لِلرِّوَايَةِ الْأُولَى، لِأَنَّ الْقُوتَ مَا يَسُدُّ بِهِ الرَّمَقَ، وَقِيلَ: سُمِّيَ قُوتًا لِحُصُولِ الْقُوَّةِ مِنْهُ سَلَكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَرِيقَ الِاقْتِصَادِ الْمَحْمُودِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْمَالِ تُلْهِي وَقِلَّتَهُ تُنْسِي، فَمَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى. وَفِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِرْشَادٌ لِأُمَّتِهِ كُلَّ الْإِرْشَادِ إِلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْكَفَافِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْعَبَ الرَّجُلُ فِي طَلَبِهِ ; لِأَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَحُكْمُ الْكَفَافِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَادُ قِلَّةَ الْأَكْلِ حَتَّى إِنَّهُ يَأْكُلُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً فَكَفَافُهُ وَقُوتُهُ تِلْكَ الْمَرَّةُ فِي أُسْبُوعٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَادُ الْأَكْلَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَكَفَافُهُ ذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ إِنْ تَرَكَهُ أَضَرَّهُ ذَلِكَ، وَلِمَ يَقْوَ عَلَى الطَّاعَةِ. وَمِنْهَا مَنْ يَكُونُ كَثِيرَ الْعِيَالِ فَكَفَافُهُ مَا يَسُدُّ رَمَقَ عِيَالِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقِلُّ عِيَالُهُ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى طَلَبِ الزِّيَادَةِ وَكَثْرَةِ الِاشْتِغَالِ، فَإِذًا قَدْرُ الْكِفَايَةِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، وَمِقْدَارُهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ إِلَّا أَنَّ الْمَحْمُودَ مَا بِهِ الْقُوَّةُ، عَلَى الطَّاعَةِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَفِي الْجَامِعِ: " «اللَّهُمَّ ارْزُقْ آلَ مُحَمَّدٍ فِي الدُّنْيَا قُوتًا» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>