٤٠٥ - وَعَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنِ الْوُضُوءِ. قَالَ: أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ إِلَى قَوْلِهِ: بَيْنَ الْأَصَابِعِ.
ــ
٤٠٥ - (وَعَنْ لَقِيطٍ) : بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ (ابْنِ صَبِرَةَ) : بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْبَاءِ، وَيَجُوزُ سُكُونُ الْبَاءِ مَعَ فَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا، كَذَا فِي التَّهْذِيبِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ لَقِيطُ بْنُ عَامِرِ بْنِ صَبِرَةَ، وَقِيلَ: هُوَ غَيْرُهُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، عُقَيْلِيٌّ، صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ، عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الطَّائِفِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: هُوَ لَقِيطُ بْنُ عَامِرِ بْنِ صَبِرَةَ، يُكَنَّى أَبَا رَزِينٍ، رَوَى عَنْهُ ابْنَهُ عَاصِمٌ وَابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمَا ( «قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنِي عَنِ الْوُضُوءِ» ) أَيْ: كَمَالِهِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيِ الْوُضُوءِ الْكَامِلِ الزَّائِدِ عَلَى مَا عَرَفْنَاهُ، فَـ " أَلْ " فِيهِ لِلْكَمَالِ أَوْ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ وَهُوَ مَا عُرِفَ وَاسْتَقَرَّ فِي الشَّرْعِ مَدْحُهُ وَالثَّنَاءُ عَلَى فَاعِلِهِ (قَالَ: " أَسْبِغِ الْوُضُوءَ ": بِضَمِّ الْوَاوِ أَيْ: أَتِمَّ فَرَائِضَهُ وَسُنَنَهُ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: اللَّامُ لِلْعَهْدِ وَهُوَ مَا اشْتُهِرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَعُرِفَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْوُضُوءَ مَا هُوَ فَالِاسْتِخْبَارُ عِنْدَهُمْ عَنْ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى مَا عَرَفَهُ، فَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَسْبِغِ الْوُضُوءَ " وَكَمَالُهُ اتِّصَالُ الْمَاءِ مِنْ فَوْقِ الْغُرَّةِ إِلَى تَحْتِ الْحَنَكِ طُولًا، وَمِنَ الْأُذُنِ إِلَى الْأُذُنِ عَرْضًا مَعَ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ وَالْمَضْمَضَةِ، هَذَا فِي الْوَجْهِ، وَأَمَّا فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَإِيصَالُ الْمَاءِ إِلَى فَوْقِ الْمَرَافِقِ وَالْكَعْبَيْنِ مَعَ تَخْلِيلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَتَأَمَّلْ فِي بَلَاغَةِ هَذَا الْجَوَابِ الْمُوجَزِ: (وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ) . أَيْ: أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: بِالتَّشْبِيكِ لِلْيَدَيْنِ، وَمَحَلُّ كَرَاهَتِهِ لِمَنْ هُوَ بِالْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ ; لِأَنَّهُ مِنْهُ عَبَثٌ، وَهُوَ لَا يَلِيقُ بِهِ اهـ. وَعِنْدَنَا: يُشَبِّكُ، لَكِنْ لَا عَلَى الطَّرِيقِ الْمَنْهِيِّ الَّذِي يُقَابِلُ الْكَفَّ بِالْكَفِّ، بَلْ بِأَنْ يَضَعَ بَطْنَ الْكَفِّ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَيُدْخِلَ الْأَصَابِعَ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ، وَالْمُسْتَحَبُّ فِي تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ أَنْ يَبْتَدِئَ مِنْ أَسْفَلِ خِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى وَيَسْتَمِرَّ إِلَى خِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى لِمَا فِيهِ مِنَ السُّهُولَةِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى التَّيَامُنِ، وَيَكُونُ التَّخْلِيلُ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى، وَأَصْلُ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ كَانَتْ " «وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ» " بِإِيصَالِ الْمَاءِ إِلَى بَاطِنِ الْأَنْفِ " «إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» " فَلَا تُبَالِغْ لِئَلَّا يَصِلَ إِلَى بَاطِنِهِ فَيَبْطُلَ الصَّوْمُ، وَكَذَا حُكْمُ الْمَضْمَضَةِ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ) : وَصَحَّحَهُ الْأَئِمَّةُ كَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَابْنِ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ إِلَى قَوْلِهِ: بَيْنَ الْأَصَابِعِ ": قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فَالتَّخْلِيلُ سُنَّةٌ إِنْ وَصَلَ الْمَاءُ إِلَى أَثْنَائِهَا، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بِأَنْ كَانَتِ الْأَصَابِعُ مُنْضَمَّةً فَوَاجِبٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute