٥١٨٦ - وَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «لَيْسَ لِابْنِ آدَمَ حَقٌّ فِي سِوَى هَذِهِ الْخِصَالِ: بَيْتٌ يَسْكُنُهُ، وَثَوْبٌ يُوَارِي بِهِ عَوْرَتَهُ، وَجِلْفُ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
٥١٨٦ - (وَعَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَيْسَ لِابْنِ آدَمَ حَقٌّ ") أَيْ: حَاجَةٌ (" فِي سِوَى هَذِهِ الْخِصَالِ ") : قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَوْصُوفٌ سِوَى مَحْذُوفٍ أَيْ: شَيْءٌ سِوَى هَذِهِ اه. وَفِي نُسْخَةٍ مُوَافِقَةٍ لِمَا فِي الْجَامِعِ فِيمَا سِوَى هَذِهِ الْخِصَالِ، وَالْمُرَادُ بِهَا ضَرُورِيَّاتُ بَدَنِهِ الْمُعِينِ عَلَى دِينِهِ (" بَيْتِ ") : بِالْجَرِّ، وَرُوِيَ بِالرَّفْعِ، وَكَذَا فِيمَا بَعْدَهُ مِنَ الْخِصَالِ الْمُبَيَّنَةِ (" يَسْكُنُهُ ") أَيْ: دَفْعًا لِلْحَرِّ وَالْبَرْدِ (" وَثَوْبٌ يُوَارِي ") أَيْ: يَسْتُرُ (" بِهِ عَوْرَتَهُ ") أَيْ: عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، أَوْ حَالَ الصَّلَاةِ لِكَوْنِهِ شَرْطًا فِيهَا (" وَجِلْفُ الْخُبْزِ ") : بِكَسْرِ جِيمٍ وَسُكُونِ لَامٍ وَيُفْتَحُ، فَفِي الْقَامُوسِ: الْجِلْفُ بِالْكَسْرِ الْغَلِيظُ الْيَابِسُ مِنَ الْخُبْزِ غَيْرِ الْمَأْدُومِ، أَوْ حَرْفُ الْخُبْزِ، وَالظَّرْفُ، وَالْوِعَاءُ. وَقَالَ شَارِحٌ: الْجِلْفُ ظَرْفُهُمَا مِنْ جِرَابٍ وَرَكْوَةٍ، وَأَرَادَ الْمَظْرُوفَ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ الظَّرْفَ وَالْمَظْرُوفَ، وَاكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ لِتَلَازُمِهِمَا فِي الْحَاجَةِ. (" وَالْمَاءِ ") : بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْجِلْفِ أَوِ الْخُبْزِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الشُّرَّاحِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالرَّفْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إِحْدَى الْخِصَالِ. قَالَ شَارِحٌ: أَرَادَ بِالْحَقِّ مَا وَجَبَ لَهُ مِنَ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ تَبِعَةٍ فِي الْآخِرَةِ وَسُؤَالٍ عَنْهُ، وَإِذَا اكْتَفَى بِذَلِكَ مِنَ الْحَلَالِ لَمْ يُسْأَلْ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي لَا بُدَّ لِلنَّفْسِ مِنْهَا، وَأَمَّا مَا سِوَاهُ مِنَ الْحُظُوظِ يُسْأَلُ عَنْهُ وَيُطَالَبُ بِشُكْرِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ: أَرَادَ بِالْحَقِّ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْإِنْسَانُ لِافْتِقَارِهِ إِلَيْهِ، وَتَوَقَّفَ تَعَيُّشُهُ عَلَيْهِ، وَمَا هُوَ الْمَقْصُودُ الْحَقِيقِيُّ مِنَ الْمَالِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَبِعَةُ حِسَابٍ إِذَا كَانَ مُكْتَسَبًا مِنْ وَجْهٍ حَلَالٍ. وَفِي النِّهَايَةِ: الْجِلْفُ وَالْخُبْزُ وَحْدَهُ لَا أُدْمَ مَعَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الْخَبْزُ الْغَلِيظُ الْيَابِسُ. قَالَ: وَيُرْوَى بِفَتْحِ اللَّامِ جَمْعُ جِلْفَةٍ وَهِيَ الْكِسْرَةُ مِنَ الْخُبْزِ، وَفِي الْغَرِيبَيْنِ، قَالَ شِمْرٌ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: الْجِلْفُ الظَّرْفُ مِثْلُ الْخُرْجِ وَالْجُوَالِقِ، قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ: ذَكَرَ الظَّرْفَ، وَأَرَادَ بِهِ الْمَظْرُوفَ أَيْ: كِسْرَةَ خُبْزٍ وَشَرْبَةَ مَاءٍ اه. وَالْمَقْصُودُ غَايَةُ الْقَنَاعَةِ، وَنِهَايَةُ الْكِفَايَةِ، كَمَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ أَدْهَمَ:
وَمَا هِيَ إِلَّا جَوْعَةٌ قَدْ سَدَدْتُهَا ... وَكُلُّ طَعَامٍ بَيْنَ جَنْبَيَّ وَاحِدُ
وَلِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
أَيَا نَفْسُ يَكْفِيكِ طُولُ الْحَيَاةِ ... إِذَا مَا قَنَعْتِ وَرَبِّ الْفَلَقْ
رَغِيفٌ بِفَوْذَنْجٍ يَابِسٌ ... وَمَا رَوَى وَلُبْسٌ خَلِقْ
وَخُفْشٌ تَكُفُّكَ جُدْرَانُهُ ... فَمَاذَا الْعَنَا وَمَاذَا الْقَلَقْ
(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : وَكَذَا الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute