وَصِغَرُهُ أَيْ: يَكُونُ حَقِيرًا ذَلِيلًا (" فَيُوقَفُ ") أَيْ: فَيُحْبَسُ قَائِمًا (" بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى ") أَيْ: عِنْدَ حُكْمِهِ وَأَمْرِهِ سُبْحَانَهُ (" فَيَقُولُ لَهُ ") أَيْ: بِلِسَانِ مَلَكٍ أَوْ بِلَا وَاسِطَةٍ بِبَيَانِ الْقَالِ أَوِ الْحَالِ (" أَعْطَيْتُكَ ") أَيِ: الْحَيَاةَ وَالْحَوَاسَّ وَالصِّحَّةَ وَالْعَافِيَةَ وَنَحْوَهَا، (" وَخَوَّلْتُكَ ") أَيْ: جَعَلْتُكَ ذَا خَوَلٍ مِنَ الْخَدَمِ وَالْحَشَمِ وَالْمَالِ وَالْجَاهِ وَأَمْثَالِهَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ جَعَلْتُكَ مَالِكًا لِبَعْضٍ وَمِلْكًا لِبَعْضٍ (" وَأَنْعَمْتُ عَلَيْكَ ") أَيْ: بِإِنْزَالِ الْكِتَابِ وَبِإِرْسَالِ الرَّسُولِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (" فَمَا صَنَعْتَ ") أَيْ: فِيمَا ذُكِرَ (" فَيَقُولُ: رَبِّ! جَمَعْتُهُ ") أَيِ: الْمَالَ (" وَثَمَّرْتُهُ ") : بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ: أَنْمَيْتُهُ وَكَثَّرْتُهُ (" وَتَرَكْتُهُ ") أَيْ: فِي الدُّنْيَا عِنْدَ مَوْتِي (" أَكْثَرَ مَا كَانَ ") أَيْ: فِي أَيَّامِ حَيَاتِي (" فَارْجِعْنِي ") : بِهَمْزَةِ وَصْلٍ أَيْ: رُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا (" آتِكَ بِهِ كُلِّهِ ") أَيْ: بِإِنْفَاقِهِ فِي سَبِيلِكَ، كَمَا أَخْبَرَ عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي الْآخِرَةِ {رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: ٩٩] (" فَيَقُولُ لَهُ ") أَيِ: الرَّبُّ (" أَرِنِي مَا قَدَّمْتَ ") أَيْ: لِأَجْلِ الْآخِرَةِ مِنَ الْخَيْرِ (" فَيَقُولُ ") أَيْ: ثَانِيًا كَمَا قَالَ أَوَّلًا (" رَبِّ! جَمَعْتُهُ وَثَمَّرْتُهُ وَتَرَكْتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ، فَارْجِعْنِي آتِكَ بِهِ كُلِّهِ. فَإِذَا عَبْدٌ ") : الْفَاءُ فَصِيحَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمُقَدَّرِ، وَإِذَا لِلْمُفَاجَئَةِ، وَعَبْدٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. أَيْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ (" لَمْ يُقَدِّمْ خَيْرًا ") أَيْ: فِيمَا أَعْطَى، وَلَمْ يَمْتَثِلْ مَا أُمِرَ بِهِ، وَلَمْ يَتَّعِظْ مَا وُعِظَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ - وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ} [المزمل: ١٨ - ٢٠] (" فَيُمْضَى ") : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: فَيُذْهَبُ (" بِهِ إِلَى النَّارِ ") .
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَظَهَرَ مِمَّا حُكِيَ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ أَنَّهُ كَانَ كَعَبْدٍ أَعْطَاهُ سَيِّدُهُ رَأْسَ مَالٍ لِيَتَّجِرَ بِهِ وَيَرْبَحَ، فَلَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَ سَيِّدِهِ، فَأَتْلَفَ رَأْسَ مَالِهِ بِأَنْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَاتَّجَرَ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالتِّجَارَةِ فِيهِ، فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ خَائِفٌ خَاسِرٌ. قَالَ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [البقرة: ١٦] فَمَا أَحْسَنَ مَوْقِعَ الْعَبْدِ وَذِكْرَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ خَيْرٍ وَلَذَّةٍ وَسَعَادَةٍ، بَلْ كُلَّ مَطْلُوبٍ وَمُؤْثَرٍ يُسَمَّى نِعْمَةً، وَلَكِنَّ النِّعْمَةَ الْحَقِيقِيَّةَ هِيَ السَّعَادَةُ الْأُخْرَوِيَّةُ وَتَسْمِيَةُ مَا عَدَاهَا غَلَطٌ أَوْ مَجَازٌ كَتَسْمِيَةِ السَّعَادَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ الَّتِي لَا يُعْبَرُ عَلَيْهَا إِلَى الْآخِرَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَلَطٌ مَحْضٌ، وَكُلُّ سَبَبٍ يُوصِلُ إِلَى السَّعَادَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَيُعِينُ عَلَيْهَا إِمَّا بِوَاسِطَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِوَسَائِطَ، فَإِنَّ تَسْمِيَتَهُ نِعْمَةٌ صَحِيحٌ وَصِدْقٌ، لِأَجْلِ أَنَّهُ يُفْضِي إِلَى النِّعْمَةِ الْحَقِيقِيَّةِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ) : بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ أَيْ: نَسَبَ إِسْنَادَهُ إِلَى الضَّعْفِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute