للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٢٠٧ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا اسْتِعْفَافًا عَنِ الْمَسْأَلَةِ، وَسَعْيًا عَلَى أَهْلِهِ، وَتَعَطُّفًا عَلَى جَارِهِ، لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَوَجْهُهُ مِثْلُ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ. وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا، مُكَاثِرًا، مُفَاخِرًا مُرَائِيًا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبِ الْإِيمَانِ) ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي (الْحِلْيَةِ) .

ــ

٥٢٠٧ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا ") أَيْ: مِنْ طَرِيقٍ حَلَالٍ (" اسْتِعْفَافًا ") أَيْ: لِأَجْلِ طَلَبِ الْعِفَّةِ (" عَنِ الْمَسْأَلَةِ ") : فَفِي النِّهَايَةِ الِاسْتِعْفَافُ طَلَبُ الْعَفَافِ وَالتَّعَفُّفِ، وَهُوَ الْكَفُّ عَنِ الْحَرَامِ وَالسُّؤَالِ مِنَ النَّاسِ. (" وَسَعْيًا عَلَى أَهْلِهِ ") أَيْ: لِأَجْلِ عِيَالِهِ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ حَالِهِ (" وَتَعَطُّفًا عَلَى جَارِهِ ") : إِحْسَانًا عَلَيْهِ بِمَا يَكُونُ زَائِدًا لَدَيْهِ (" لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَوَجْهُهُ ") أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ وَجْهَهُ مِنْ جِهَةِ كَمَالِ النُّورِ وَغَايَةِ السُّرُورِ (" مِثْلُ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ") : قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ كَمَالِهِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ خَفِيَّةٌ إِلَى أَنَّ هَذَا النُّورَ لَهُ بِبَرَكَةِ الْمُصْطَفَى الْمُنَزَّلِ عَلَيْهِ: {طه - مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: ١ - ٢] فَإِنَّ طه أَرْبَعَةَ عَشَرَ بِحِسَابِ أَبْجَدِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ الْأَبُ وَالْجَدُّ، وَهَذَا يَوْمُ لَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ. (" وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا ") أَيْ: فَضْلًا عَنْ أَنْ يَطْلُبَ حَرَامًا (" مُكَاثِرًا ") أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ طَالِبًا كَثْرَةَ الْمَالِ لِأَحْسَنِ الْحَالِ وَلَا صَرَفَهُ فِي تَحْسِينِ الْمَآلِ. (" مُفَاخِرًا ") أَيْ: عَلَى الْفُقَرَاءِ كَمَا هُوَ دَأْبُ الْأَغْبِيَاءِ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ (" مُرَائِيًا ") أَيْ: أَنْ فُرِضَ عَنْهُ صُدُورُ خَيْرٍ أَوْ عَطَاءٍ (" لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ ") : وَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ مَنْ طَلَبَ الْحَرَامَ، إِمَّا اكْتِفَاءً بِمَا يُفْهَمُ مِنْ فَحْوَى الْكَلَامِ، وَإِمَّا إِيمَاءً إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صَنِيعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، أَوْ إِشْعَارًا بِأَنَّ الْحَرَامَ أَكْلَهُ وَقُرْبَهُ حَرَامٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ طَلَبٌ وَمَرَامٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَفِي حَدِيثٍ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: ١٠٦] وَهُمَا عِبَارَتَانِ عَنْ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى وَسَخَطِهِ، فَقَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ مِثْلُ الْقَمَرِ مُبَالَغَةٌ فِي حُصُولِ الرِّضَا بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: فِي مُقَابَلَتِهِ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ. (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>