للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِيهِ بِأَنْ يُقَيِّدَهُ بِالْإِسْنَادِ لِمَشِيئَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَعِلْمِهِ فِي الذِّكْرِ، أَوْ بِشَرْطِ الصَّلَاحِ فِي الْإِرَادَةِ فَإِذَنْ إِنْ ذَكَرْتَ حَيَاتَكَ بِأَنْ أَعِيشَ بَعْدَ نَفَسٍ ثَانٍ، أَوْ سَاعَةٍ ثَانِيَةٍ أَوْ يَوْمٍ ثَانٍ بِالْحُكْمِ وَالْقَطْعِ فَأَنْتَ آمِلٌ، وَذَلِكَ مِنْكَ مَعْصِيَةٌ إِذْ هُوَ حُكْمٌ عَلَى الْغَيْبِ، وَإِنْ قَيَّدْتَهُ بِالْمَشِيئَةِ وَالْعِلْمِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَدْ خَرَجْتَ عَنْ حُكْمِ الْأَمَلِ فَتَأَمَّلْ، وَإِنَّمَا جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي الْعُنْوَانِ لِتَلَازُمِهِمَا فِي الْإِمْكَانِ، وَقُدِّمَ الْأَمَلُ لِأَنَّهُ الْبَاعِثُ عَلَى تَأْخِيرِ الْعَمَلِ وَالْحِرْصِ عَلَى الزَّلَلِ.

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٥٢٦٨ - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) أَيِ: ابْنِ مَسْعُودٍ (قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطًّا مُرَبَّعًا) : الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ الْمُبَارَكَةِ عَلَى الْأَرْضِ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْمُرَادُ بِالْخَطِّ الرَّسْمُ وَالشَّكْلُ (وَخَطَّ) أَيْ: خَطًّا كَمَا فِي نُسْخَةٍ مُصَحَّحَةٍ، وَالْمَعْنَى وَخَطَّ (خَطًّا) : آخَرَ (فِي الْوَسَطِ) أَيْ: وَسَطِ التَّرْبِيعِ (خَارِجًا مِنْهُ) أَيْ: حَالَ كَوْنِ الْخَطِّ خَارِجًا مِنْ أَحَدْ طَرَفَيِ الْمُرَبَّعِ (وَخَطَّ خُطُطًا) : بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالطَّاءِ الْأُولَى لِلْأَكْثَرِ وَجُوِّزَ فَتْحُ الطَّاءِ أَيْ: خُطُوطًا (صِغَارًا) : جَمْعُ صَغِيرَةٍ (إِلَى هَذَا) أَيْ: مُتَوَجِّهَةً وَمَائِلَةً وَمُنْتَهِيَةً إِلَى هَذَا الْخَطِّ (الَّذِي فِي الْوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ) أَيْ: مِنْ جَانِبَيْهِ اللَّذَيْنِ فِي الْوَسَطِ، فَالْمُرَادُ بِالْمُفْرَدِ الْجِنْسُ (فَقَالَ: " هَذَا الْإِنْسَانُ ") أَيِ: الْخَطُّ الْوَسَطُ كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا مَرْكَزُ الدَّائِرَةِ الْمُرَبَّعَةِ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ صُورَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي الْخَطِّ الظَّاهِرِيِّ، أَوِ الْمُرَادُ بِهَذَا مَجْمُوعُ التَّصْوِيرِ. الْمَعْلُومُ خَطًّا الْمَفْهُومُ ذِهْنًا، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْأَمَلِ الْعَوَارِضِ الْمُنْتَهِيَةِ إِلَى الْأَجَلِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِهَذَا، فَالتَّقْدِيرُ أَنَّ هَذَا الْخَطَّ الْمُصَوَّرَ مَجْمُوعَةً هُوَ الْإِنْسَانُ، (" وَهَذَا ") أَيِ: الْخَطُّ الْمُرَبَّعُ (" أَجَلُهُ ") أَيْ: مُدَّةُ أَجَلِهِ وَمُدَّةُ عُمُرِهِ (" مُحِيطٌ بِهِ ") ، أَيْ: مِنْ كُلِّ جَوَانِبِهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ وَالْفِرَارُ مِنْهُ، (" وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ ") أَيْ: مِنَ الْمُرَبَّعِ (" أَمَلُهُ ") أَيْ: مَرْجُوُّهُ وَمَأْمُورٌ لَهُ الَّذِي يَظُنُّ أَنَّهُ يُدْرِكُهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ، وَهَذَا خَطَأٌ مِنْهُ لِأَنَّ أَمَلَهُ طَوِيلٌ لَا يَفْرَغُ مِنْهُ وَأَجَلُهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْهُ، (" وَهَذِهِ الْخُطُطُ ") أَيِ: الْخُطُوطُ (" الصِّغَارُ الْأَعْرَاضُ ") ، أَيِ الْآفَاتُ وَالْعَاهَاتُ وَالْبَلِيَّاتُ مِنَ الْمَرَضِ وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ وَهُوَ جَمْعُ عَرَضٍ بِالتَّحْرِيكِ (فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا) أَيْ: أَحَدُ الْأَعْرَاضِ (" نَهَسَهُ ") : بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ، وَقِيلَ: بِمُعْجَمَةٍ أَيْ: أَصَابَهُ وَعَضَّهُ (" هَذَا ") أَيْ: عَرَضٌ آخَرُ، وَعَبَّرَ عَنِ الْإِصَابَةِ بِالْفَقْرِ وَهُوَ لَدْغُ ذَاتِ السُّمِّ مُبَالَغَةً فِي الْمَضَرَّةِ (" وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا ") أَيْ: عَرَضٌ آخَرُ (" نَهَسَهُ هَذَا ") أَيْ: عَرَضٌ آخَرُ وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى انْقِضَاءِ الْأَجَلِ، وَعَدَمِ انْتِهَاءِ الْأَمَلِ، وَصُورَةُ الْخَطِّ هَذِهِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ.

قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: هَذِهِ الصِّفَةُ هِيَ الْمُعْتَدَّةُ، وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ، فَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: هَذَا الْإِنْسَانُ إِلَى النُّقْطَةِ الدَّاخِلَةِ، وَبِقَوْلِهِ: وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ إِلَى الْمُرَبَّعِ، وَبِقَوْلِهِ: وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجُ أَمَلِهِ إِلَى الْخَطِّ الْمُسْتَطِيلِ الْمُنْفَرِدِ، وَبِقَوْلِهِ: وَهَذِهِ إِلَى الْخُطُوطِ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ انْحِصَارُهَا فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: فِي حَدِيثِ أَنَسٍ بَعْدَهُ إِذْ جَاءَهُ الْأَقْرَبُ إِلَى الْخَطِّ الْمُحِيطِ بِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الَّذِي يُحِيطُ بِهِ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنَ الْخَارِجِ عَنْهُ، انْتَهَى. وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ عَدَدُ الْخُطُوطِ سَبْعًا لِإِتْيَانِ هَذَا الْعَدَدِ كَثِيرًا عَلَى لِسَانِ الشَّارِعِ، وَلِأَنَّهُ عُشْرُ الْعَدَدِ الَّذِي يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْكَثْرَةِ مَعَ الْإِيمَاءِ إِلَى الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ لِلْإِنْسَانِ، وَالْأَطْوَارِ السَّبْعَةِ فِي مَرَاتِبِ الْإِيقَانِ، وَمُرُورِ الْأَيَّامِ السَّبْعَةِ عَلَى دَوَرَانِ الْأَفْلَاكِ السَّبْعَةِ الْمُحِيطَةِ بِالْأَرَاضِي السَّبْعَةِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا أَشَارَ الشَّيْخُ بِهِ إِلَى النُّقْطَةِ الدَّاخِلَةِ فَغَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنَ التَّصْوِيرِ النَّبَوِيِّ، وَلِذَا مَا صَوَّرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَّاحِ كَالطِّيبِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، ثُمَّ رَأَيْتَ صُورَةً أُخْرَى غَيْرَ الصُّورَةِ الْمَسْطُورَةِ الْمَشْهُورَةِ وَهِيَ هَذِهِ: فَهَذِهِ الْهَيْئَةُ هِيَ الْمُطَابِقَةُ لِمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَالْأَظْهَرُ فِي التَّصْوِيرِ فَتَدَبَّرْ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>