للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٢٩٠ - عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُنَّا فِي مَجْلِسٍ، فَطَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى رَأْسِهِ أَثَرُ مَاءٍ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! نَرَاكَ طَيِّبَ النَّفْسِ. قَالَ: " أَجَلْ ". قَالَ: ثُمَّ خَاضَ الْقَوْمُ فِي ذِكْرِ الْغِنَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنِ اتَّقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَالصِّحَّةُ لِمَنِ اتَّقَى خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى، وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النَّعِيمِ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

٥٢٩٠ - (عَنْ رَجُلٍ) : سَيَأْتِي اسْمُهُ (مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: كُنَّا فِي مَجْلِسٍ فَطَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: فَظَهَرَ كَطَلْعَةِ الشَّمْسِ (" وَعَلَى رَأْسِهِ أَثَرُ مَاءٍ ") أَيْ: مِنَ الْغُسْلِ (فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرَاكَ طَيِّبَ النَّفْسِ) . أَيْ: ظَاهِرَ الْبِشْرِ وَالسُّرُورِ وَمُنْشَرِحَ الْخَاطِرِ عَلَى مَا يَتَلَأْلَأُ مِنْكَ مِنَ النُّورِ. (قَالَ: " أَجَلْ ") . بِفَتْحَتَيْنِ وَسُكُونِ اللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ: نَعَمْ (قَالَ) أَيِ: الرَّجُلُ الرَّاوِي (ثُمَّ خَاضَ الْقَوْمُ) أَيْ: شَرَعُوا وَبَالَغُوا (فِي ذِكْرِ الْغِنَى) أَيْ: فِي سُؤَالِهِ أَوْ ذَمِّ حَالِهِ وَسُوءِ مَآلِهِ. ( «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنِ اتَّقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ» ") . أَشَارَ بِقَوْلِهِ: لَا بَأْسَ أَنَّ الْفَقْرَ أَفْضَلُ لِمَنِ اتَّقَى اللَّهَ (" وَالصِّحَّةُ ") أَيْ: صِحَّةُ الْبَدَنِ، وَلَوْ مَعَ الْفَقْرِ لِمَنِ اتَّقَى (" خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى ") ، أَيْ: مُطْلَقًا، أَوِ الْمَعْنَى وَصِحَّةُ الْحَالِ لِمَنِ اتَّقَى الْمَالَ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى الْمُوجِبِ لِلْحِسَابِ وَالْعِقَابِ فِي الْمَآلِ، (" وَطِيبُ النَّفْسِ ") أَيِ: انْشِرَاحُ الصَّدْرِ الْمُقْتَضِي لِلشُّكْرِ، وَالصَّبْرُ الْمُسْتَوِي عِنْدَهُ الْغِنَى وَالْفَقْرُ (مِنَ النَّعِيمِ) أَيْ: مِنْ جُمْلَةِ النَّعِيمِ الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ بِجَنَّةِ نَعِيمٍ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْعَارِفِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: ٤٦] جَنَّةٌ فِي الدُّنْيَا وَجَنَّةٌ فِي الْعُقْبَى. وَقِيلَ: مِنَ النَّعِيمِ الْمَسْئُولِ عِنْدَ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: ٨] وَهُوَ لَا يُنَافِي مَا ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّهُ الْفَرْدُ الْأَكْمَلُ مِنْ جِنْسِ النَّعِيمِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لِغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ أَنَّهُ النَّعِيمُ، فَإِنَّ مَا عَدَاهُ قَدْ يُعَدُّ كَوْنُهُ مِنَ الْمَاءِ الْحَمِيمِ، أَوْ مِنْ عَذَابِ الْجَحِيمِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ) . وَكَذَا ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ، عَنْ يَسَارِ بْنِ عَبْدٍ عَلَى مَا فِي الْجَامِعِ، فَتَبَيَّنَ إِبْهَامُ الرَّجُلِ مَعَ أَنَّ جَهَالَةَ الصَّحَابِيِّ لَا تَضُرُّ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ عُدُولٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>