الْفَصْلُ الثَّالِثُ
٥٣٠٤ - عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْتَ سَمُرَةٍ فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُونَا، وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: " إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا. قَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ، ثَلَاثًا " وَلَمْ يُعَاقِبْهُ، وَجَلَسَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٥٣٠٤ - (عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ) : وَفِي نُسْخَةٍ: رَسُولِ اللَّهِ (- صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِبَلَ نَجْدٍ) ، بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ: جِهَتَهُ وَجَانِبَهُ. وَفِي النِّهَايَةِ: النَّجْدُ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْأَرْضِ وَهُوَ اسْمٌ خَاصٌّ لِمَا دُونَ الْحِجَازِ، (فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: رَجَعَ، وَسَمَّى الْقَافِلَةَ قَافِلَةً، وَلَوْ كَانَتْ ذَاهِبَةً تَفَاؤُلًا بِمَآلِهَا (قَفَلَ مَعَهُ) أَيْ: قَفَلَ جَابِرٌ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَأَدْرَكَتْهُمْ) أَيِ: الصَّحَابَةَ أَوِ الْغُزَاةَ (الْقَائِلَةُ) أَيِ: الظَّهِيرَةُ أَوْ وَقْتُ الْقَيْلُولَةِ (فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ) ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَهُوَ الشَّجَرُ الَّذِي لَهُ شَوْكٌ (فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، أَيْ: فَأَرَادَ النُّزُولَ، أَوْ أَمَرَ بِالنُّزُولِ (وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ) أَيْ: بِجِنْسِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَشْجَارِ (فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحْتَ سَمُرَةٍ) : بِفَتْحِ سِينٍ فَضَمِّ مِيمٍ شَجَرَةٌ مِنَ الطَّلْحِ وَهِيَ الْعِظَامُ مِنْ شَجَرِ الْعِضَاهِ (فَعَلَّقَ بِهَا) أَيْ: بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا (سَيْفَهُ وَنِمْنَا) : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ (نَوْمَةً) أَيْ: خَفِيفَةً (فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُونَا) أَيْ: يُنَادِينَا وَيَطْلُبُنَا (وَإِذَا) : وَفِي نُسْخَةٍ: فَإِذَا (عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ) أَيْ: بَدَوِيٌّ كَافِرٌ (فَقَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (" إِنَّ هَذَا ") أَيِ: الْأَعْرَابِيَّ (" اخْتَرَطَ ") أَيْ: سَلَّ (" عَلَيَّ سَيْفِي ") أَيِ: الْمُعَلَّقَ (" وَأَنَا نَائِمٌ ") : حَالٌ (" فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ ") أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ سَيْفِيَ (" فِي يَدِهِ صَلْتًا ") : بِفَتْحِ الصَّادِ وَيُضَمُّ أَيْ: مَسْلُولًا مُجَرَّدًا عَنِ الْغِمْدِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّهَا. وَفِي الْقَامُوسِ: الصَّلْتُ السَّيْفُ الصَّقِيلُ الْمَاضِي وَيُضَمُّ، وَفِي النِّهَايَةِ: وَسَيْفٌ مُجَرَّدٌ (قَالَ) أَيِ: الْأَعْرَابِيُّ (مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي) ؟ أَيْ: مِنْ أَذِيَّتِي، فَالْفِعْلُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْمُضَافُ مُقَدَّرٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَيْ مَنْ يَحْمِيكَ مِنِّي. قَالَ فِي أَسَاسِ الْبَلَّاغَةِ: وَمِنَ الْمَجَازِ فُلَانٌ يَمْنَعُ الْجَارَ أَيْ: يَحْمِيهِ مِنْ أَنْ يُضَامَ (فَقُلْتُ: اللَّهُ) أَيِ: اللَّهُ يَمْنَعُنِي عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْ نَظَرًا إِلَى الْعِصْمَةِ الْمَوْعُودَةِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧] (ثَلَاثًا) . أَيْ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَثْلِيثُ لَفْظِ الْجَلَالَةِ حَالَةَ الِاسْتِغَاثَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ (وَلَمْ يُعَاقِبْهُ) أَيِ: الْأَعْرَابِيَّ (وَجَلَسَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَا كَانَ قَائِمًا أَوْ مُضْطَجِعًا، ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْقَضِيَّةُ وَقَعَتْ قَبْلَ الْمُنَادَاةِ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا وَقَعَ مِنْ خَرْقِ الْعَادَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ بَعْدَهَا فَنَادَاهُمْ لِيُرِيَهُمُ الْمُعْجِزَةَ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute