للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٣١٣ - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٥٣١٣ - (وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: فِي اسْتِحْضَارِ الْقَضِيَّةِ وَاسْتِحْفَاظِ الْقِصَّةِ (يَحْكِي نَبِيًّا) أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ يَحْكِي حَالَ نَبِيٍّ (مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ) أَيْ: قَدْ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ، فَهُوَ حَالٌ بِتَقْدِيرِ قَدْ، وَجُوِّزَ بِدُونِهِ أَيْضًا. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَوْلُهُ نَبِيًّا مَنْصُوبٌ عَلَى شَرِيطَةِ التَّفْسِيرِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: ضَرَبَهُ قَوْمُهُ، وَهُوَ حِكَايَةُ لَفْظِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَجُوزُ أَنْ تُقَدِّرَ مُضَافًا أَيْ: يَحْكِي حَالَ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ مَعْنَى مَا تَلَفَّظَ بِهِ، وَحِينَئِذٍ ضَرَبَهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلنَّبِيِّ، وَأَنْ يَكُونَ اسْتِئْنَافًا كَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَ مَا حَكَاهُ فَقِيلَ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ. (فَأَدْمَوْهُ) أَيْ: جَعَلُوهُ صَاحِبَ دَمٍ خَارِجٍ مِنْ رَأْسِهِ، (وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ) أَيْ: خَوْفًا مِنَ الْوُقُوعِ فِي فَمِهِ أَوْ عَيْنِهِ (وَيَقُولُ) أَيْ: مِنْ كَمَالِ صَبْرِهِ (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي) أَيْ: فِعْلَهُمْ هَذَا بِمَعْنَى لَا تُعَذِّبْهُمْ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَلَا تَسْتَأْصِلْهُمْ، وَإِلَّا فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَغْفِرَةَ الْكُفَّارِ بِمَعْنَى الْعَفْوِ عَنْ شِرْكِهِمْ وَكُفْرِهِمْ غَيْرُ جَائِزٍ بِالْإِجْمَاعِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْمَغْفِرَةُ كِنَايَةً عَنِ التَّوْبَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَغْفِرَةِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: (" فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ") : وَهَذَا مِنْ كَمَالِ حِلْمِهِ وَحُسْنِ خُلُقِهِ حَيْثُ أَذْنَبَ الْقَوْمُ، وَهُوَ يَعْتَذِرُ عَنْهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ أَنَّهُمْ مَا فَعَلُوا مَا فَعَلُوا إِلَّا لِجَهْلِهِمْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الذَّنْبَ مَعَ الْجَهْلِ أَهْوَنُ فِي الْجُمْلَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الذَّنْبِ مَعَ الْعِلْمِ، وَلِذَا وَرَدَ: وَيْلٌ لِلْجَاهِلِ مَرَّةً وَوَيْلٌ لِلْعَالَمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>