٥٣٦٦ - وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبِ الْقُرَظِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: حَدَّثَنِي «مَنْ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: إِنَّا لَجُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ، فَاطَّلَعَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، مَا عَلَيْهِ إِلَّا بُرْدَةٌ لَهُ مَرْقُوعَةٌ بِفَرْوٍ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَى لِلَّذِي كَانَ فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ وَالَّذِي هُوَ فِيهِ الْيَوْمَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " كَيْفَ بِكُمْ إِذَا غَدَا أَحَدُكُمْ فِي حُلَّةٍ، وَرَاحَ فِي حُلَّةٍ؟ وَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ صَحْفَةٌ وَرُفِعَتْ أُخْرَى، وَسَتَرْتُمْ بُيُوتَكُمْ كَمَا تُسْتَرُ الْكَعْبَةُ؟ "، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! نَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مِنَّا الْيَوْمَ، نَتَفَرَّغُ لِلْعِبَادَةِ، وَنُكْفَى الْمُؤْنَةَ. قَالَ: " لَا أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
٥٣٦٦ - (وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ) بِضَمِّ قَافٍ وَفَتْحِ رَاءٍ فَظَاءٍ مُعْجَمَةٍ نِسْبَةً إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، طَائِفَةٍ مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ شَرَّفَهَا اللَّهُ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّابِعِينَ وَقَالَ: سَمِعَ نَفَرًا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمِنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَغَيْرُهُ، وَكَانَ أَبُوهُ مِمَّنْ لَمْ يَثْبُتْ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَتُرِكَ.
(قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) لَمْ يُسَمَّ هَذَا السَّامِعُ، لَكِنْ تَابِعِيٌّ تُغْفَرُ جَهَالَتُهُ، مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِهِ صَحَابِيًّا آخَرَ، فَتَدَبَّرْ، (قَالَ) أَيْ: عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (إِنَّا لَجُلُوسٌ) أَيْ: جَالِسُونَ (مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ) أَيْ: مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَسْجِدِ قِبَاءٍ (فَاطَّلَعَ) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ، أَيْ: فَظَهَرَ (عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ، وَعُمَيْرٌ مُصَغَّرٌ (مَا عَلَيْهِ) أَيْ: لَيْسَ عَلَى بَدَنِهِ (إِلَّا بُرْدَةٌ لَهُ) أَيْ: كِسَاءٌ مَخْلُوطُ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ (مَرْقُوعَةٌ بِفَرْوٍ) ، أَيْ: مُرَقَّعَةٌ بِجِلْدٍ، قَالَ مِيرَكُ: هُوَ قُرَشِيٌّ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرَكَ النِّعْمَةَ وَالْأَمْوَالَ بِمَكَّةَ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ السَّاكِنِينَ فِي مَسْجِدِ قِبَاءٍ، وَقَالَ الْمُؤَلِّفُ: عَبْدَرِيٌّ كَانَ مِنْ أَجِلَّةِ الصَّحَابَةِ وَفُضَلَائِهِمْ، هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي أَوَّلِ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهَا، ثُمَّ شَهِدَ بَدْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ مُصْعَبًا بَعْدَ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ يُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ، وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْجُمُعَةَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ أَنْعَمِ النَّاسِ عَيْشًا وَأَلْيَنِهِمْ لِبَاسًا، فَلَمَّا أَسْلَمَ زَهَدَ فِي الدُّنْيَا، وَقِيلَ: إِنَّهُ بَعَثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ بَايَعَ الْعَقَبَةَ الْأُولَى، فَكَانَ يَأْتِي الْأَنْصَارَ فِي دُورِهِمْ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَيُسْلِمُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ، حَتَّى فَشَا الْإِسْلَامُ فِيهِمْ، فَكَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَأْذِنُهُ أَنْ يَجْمَعَ بِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ السَبْعِينَ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَيْهِ فِي الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ، وَفِيهِ نَزَلَ: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٢٣] ، وَكَانَ إِسْلَامُهُ بَعْدَ دُخُولِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَارَ الْأَرْقَمِ. (فَلَمَّا رَآهُ) أَيْ: أَبْصَرَ مُصْعَبًا بِتِلْكَ الْحَالِ الصَّعْبَاءِ (رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَكَى لِلَّذِي) أَيْ: لِلْأَمْرِ الَّذِي (كَانَ فِيهِ) أَيْ: قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ (مِنَ النِّعْمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute