تُوجَدُ وَتَقَعُ (" فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ ") بِالرَّفْعِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ " تَكُونُ " نَاقِصَةٌ وَهُوَ الْمُلَائِمُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ: ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا، وَالْمَعْنَى: ثُمَّ تَنْقَلِبُ النُّبُوَّةُ خِلَافَةً، أَوْ تَكُونُ الْحُكُومَةُ أَوِ الْإِمَارَةُ خِلَافَةً، أَيْ: بِنِيَابَةٍ حَقِيقِيَّةٍ (" عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ") أَيْ: طَرِيقَتُهَا الصُّورِيَّةُ وَالْمَعْنَوِيَّةُ (مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ) أَيِ: الْخِلَافَةُ وَهِيَ ثَلَاثُونَ سَنَةً عَلَى مَا وَرَدَ.
(ثُمَّ يَرْفَعُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا) أَيْ: يَعَضُّ بَعْضُ أَهْلِهِ بَعْضًا، كَعَضِّ الْكِلَابِ (" فَيَكُونُ ") أَيِ: الْمُلْكُ، أَيِ: الْأَمْرُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ (مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا اللَّهُ تَعَالَى) أَيْ: تِلْكَ الْحَالَةَ (ثُمَّ تَكُونُ) أَيِ: الْحُكُومَةُ (مُلْكًا جَبْرِيَّةً) أَيْ: جَبْرُوتِيةٌ وَسُلْطَةٌ عَظَمُوتِيةٌ (فَيَكُونُ) أَيِ: الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ (" مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا اللَّهُ تَعَالَى) أَيِ: الْجَبْرِيَّةَ، (" ثُمَّ تَكُونُ ") أَيْ: تَنْقَلِبُ وَتَصِيرُ (" خِلَافَةً ") وَفَى نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ، أَيْ: تَقَعُ وَتَحْدُثُ خِلَافَةٌ كَامِلَةٌ (" عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ ") أَيْ: مِنْ كَمَالِ عَدَالَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا: زَمَنُ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْمَهْدِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ.
(ثُمَّ سَكَتَ) أَيِ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (قَالَ حَبِيبٌ) : قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ حَبِيبُ بْنُ سَالِمٍ، مَوْلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَكَاتِبُهُ، رُوِيَ عَنْهُ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ وَغَيْرِهِ، (فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ) أَيْ: بِأَمْرِ الْخِلَافَةِ، (كَتَبْتُ إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ أُذَكِّرُهُ إِيَّاهُ) بِتَشْدِيدِ الْكَافِ مِنَ التَّذْكِيرِ بِمَعْنَى: الْمَوْعِظَةُ (وَقُلْتُ: أَرْجُو أَنْ تَكُونَ) أَيْ: أَنْتَ أَوِ الْخَلِيفَةُ (أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ) وَفِي نُسْخَةٍ بِالْغَيْبَةِ، أَيْ: يَكُونُ الْمَوْعُودُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: " أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ " خَبَرُ يَكُونُ، وَقَوْلُهُ: (بَعْدَ الْمُلْكِ الْعَاضِّ وَالْجَبْرِيَّةِ) : ظَرْفٌ لِلْخَبَرِ عَلَى تَأْوِيلِ الْحَاكِمِ الْعَادِلِ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ} [الأنعام: ٣] أَيْ: مَعْبُودٌ فِيهَا.
قُلْتُ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالتَّذْكِيرِ فِي يَكُونُ، وَبِالرَّفْعِ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: بَعْدَ الْمُلْكِ ظَرْفًا وَاقِعًا خَبَرًا لِيَكُونَ، (فَسُرَّ) بِضَمِّ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ: فَرِحَ (بِهِ) أَيْ: بِهَذَا الْحَدِيثِ ; رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِي حَقِّهِ، (وَأَعْجَبَهُ) : عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ (يَعْنِي) أَيْ: يُرِيدُ الْقَائِلُ بِالضَّمِيرَيْنِ (عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ) أَيْ: فِي مُسْنَدِهِ (وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ ") . وَفِي الْجَامِعِ: يَكُونُ أُمَرَاءُ يَقُولُونَ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ، يَتَهَافَتُونَ فِي النَّارِ، يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ. وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا: ( «يَكُونُ لِأَصْحَابِي زَلَّةٌ يَغْفِرُهَا اللَّهُ تَعَالَى لِسَابِقَتِهِمْ مَعِي» ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute