الْخَيْمَةُ، فَهُوَ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الْمَحَلِّ وَإِرَادَةِ الْحَالِ (فُسْطَاطِ إِيمَانٍ) : بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ، وَإِعْرَابُهُ مَشْهُورٌ، أَيْ: إِيمَانٌ خَالِصٌ (" لَا نِفَاقَ فِيهِ ") أَيْ: لَا فِي أَصْلِهِ وَلَا فِي فَصْلِهِ مِنِ اعْتِقَادِهِ وَعَمَلِهِ، (" وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ ") أَيْ: أَصْلًا أَوْ كَمَالًا ; لِمَا فِيهِ مِنْ أَعْمَالِ الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ وَنَقْضِ الْعَهْدِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ، (" فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ ") أَيْ: ظُهُورُهُ (" مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ ") وَهَذَا يُؤَيِّدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفُسْطَاطَيْنِ الْمَدِينَتَانِ، فَإِنَّ الْمَهْدِيَّ يَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيُحَاصِرُهُ الدَّجَّالُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَيَذُوبُ الْمَلْعُونُ كَالْمِلْحِ يَنْمَاعُ فِي الْمَاءِ، فَيَطْعَنُهُ بِحَرْبَةٍ لَهُ فَيَقْتُلُهُ، فَيَحْصُلُ الْفَرَجُ الْعَامُّ وَالْفَرَحُ التَّامُّ، كَمَا قَالَ سَيِّدُ الْأَنَامِ:
اشْتَدِّي أَزْمَةُ تَنْفَرِجِي
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا - إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٥ - ٦] ، وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ، وَهُمَا هُنَا الِاقْتِرَانُ بَيْنَ الْقَمَرَيْنِ وَضِيَاءِ أَنْوَارِهِمَا فِي أَمْرِ الْكَوْنَيْنِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: الْفُسْطَاطُ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ الْمَدِينَةُ الَّتِي فِيهَا يَجْتَمِعُ النَّاسُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ فُسْطَاطٌ، وَإِضَافَةُ الْفُسْطَاطِ إِلَى الْإِيمَانِ إِمَّا بِجَعْلِ الْمُؤْمِنِينَ نَفْسَ الْإِيمَانِ مُبَالَغَةً، وَإِمَّا بِجَعْلِ الْفُسْطَاطِ مُسْتَعَارًا لِلْكَتِفِ وَالْوِقَايَةِ عَلَى الْمُصَرِّحَةِ، أَيْ: هُمْ فِي كَتِفِ الْإِيمَانِ وَوِقَايَتِهِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) أَيْ: وَسَكَتَ عَلَيْهِ وَأَقَرَّهُ الْمُنْذِرِيُّ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَأَقَرَّهُ الذَّهَبِيُّ، نَقَلَهُ مِيرَكُ عَنْ تَصْحِيحِ الْجَزَرِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute