للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥٤٠٥ - وَعَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، وَلَمَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. .

ــ

٥٤٠٥ - (وَعَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ) قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ ابْنُ عَمْرٍو الْكِنْدِيُّ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَاهُ حَالَفَ كِنْدَةَ، فَنُسِبَ إِلَيْهَا، وَإِنَّمَا سُمِّيَ ابْنَ الْأَسْوَدِ لِأَنَّهُ كَانَ حَلِيفَهُ، أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ فِي حِجْرِهِ، وَقِيلَ: بَلْ كَانَ عَبْدًا فَتَبَنَّاهُ وَكَانَ سَادِسًا فِي الْإِسْلَامِ. (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ ") بِاللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ لِلتَّأْكِيدِ فِي خَبَرٍ إِنَّ، أَيْ لَلَّذِي (" جُنِّبَ ") بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ: بَعُدَ (" الْفِتَنَ ") مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ، وَمِنْهُ مَا وَرَدَ مِنَ الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ» ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ: بَعُدَ عَنْهَا، (" إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ ") كَرَّرَهَا ثَلَاثًا لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّأْكِيدِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ التَّكْرَارُ بِاعْتِبَارِ أَوَّلِ الْفِتَنِ وَآخِرِهَا، (" وَلَمَنِ ابْتُلِيَ ") : اللَّامُ لِلِابْتِدَاءِ، أَيْ: لَمَنِ امْتُحِنَ بِتِلْكَ الْفِتَنِ (" فَصَبَرَ ") أَيْ: عَلَى أَذَاهِمْ، وَلَمْ يُحَارِبْهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ، (" فَوَاهًا ") : بِالتَّنْوِينِ اسْمُ صَوْتٍ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ، سَدَّ مَسَدَّ فِعْلِهِ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَلِكِ: مَعْنَاهُ التَّلَهُّفُ، وَقَدْ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْإِعْجَابِ بِالشَّيْءِ وَالْإَسْتِطَابَةِ لَهُ، أَيْ: مَا أَحْسَنَ وَمَا أَطْيَبَ صَبْرَ مَنْ صَبَرَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فَطُوبَى لَهُ، وَفِي النِّهَايَةِ قِيلَ: مَعْنَى هَذَا التَّلَهُّفِ، وَقَدْ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْإِعْجَابِ بِالشَّيْءِ، يُقَالُ: وَاهًا لَهُ، وَقَدْ يَرِدُ بِمَعْنَى التَّوَجُّعِ، وَقِيلَ، يُقَالُ: فِي التَّوَجُّعِ: آهًا لَهُ.

قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (فَوَاهًا) خَبَرًا لِمَنْ، وَالْفَاءُ لِتَضَمُّنِ الْمُبْتَدَأِ مَعْنَى الشَّرْطِ، فَعَلَى هَذَا فِيهِ مَعْنَى التَّعَجُّبِ، أَيْ: مَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَطُوبَى لَهُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ خَبَرًا عَلَى أَنَّ اللَّامَ مَفْتُوحَةٌ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَلِمَنِ ابْتُلِيَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، فَعَلَى هَذَا (وَاهًا) لِلتَّحَسُّرِ، أَيْ: فَوَاهًا عَلَى مَنْ بَاشَرَهَا وَسَعَى فِيهَا، اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْجَامِعِ بِلَفْظِ: إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ وَلَمَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ، وَقِيلَ اللَّامُ مَكْسُورَةٌ ; وَيَكُونُ فَوَاهًا بِمَعْنَى التَّعَجُّبِ، أَيْ: وَلَمَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ يَجِبُ أَنْ يُتَعَجَّبَ مِنْ حَالِهِ هَذَا. وَفِي الْقَامُوسِ: وَاهًا وَيُتْرَكُ تَنْوِينُهُ كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ مِنْ طِيبِ شَيْءٍ وَكَلِمَةُ تَلَهُّفٍ، أَيْ: مِنْ تَلَفِ شَيْءٍ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>