قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ تَأْوِيلٌ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِلَافِ، وَانْتَهَى الْحَدِيثُ بِطُولِهِ إِلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِتَنَاوُلِهِ بِهَذَا التَّأْوِيلِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ إِلَى قُبَاءٍ، حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَنِي سَالِمٍ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَابِ عِتْبَانَ فَصَرَخَ بِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ إِزَارَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (" أَعْجَلْنَا الرَّجُلَ ") فَقَالَ عِتْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُعْجَلُ عَنِ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يُمْنِ مَاذَا عَلَيْهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (" إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ» ") وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي كِتَابِهِ (رَوَاهُ) : أَيْ: قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ (التِّرْمِذِيُّ) : لَكِنْ بِلَفْظِ يُرْوَى بِلَا إِسْنَادٍ ; خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: رَوَاهُ، كَذَا حَقَّقَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ (وَلَمْ أَجِدْهُ) : أَيْ: قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ (فِي الصَّحِيحَيْنِ)
قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: قَوْلُهُ: لَمْ أَجِدْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، كَأَنَّهُ اعْتِرَاضٌ عَلَى الشَّيْخِ مُحْيِي السُّنَّةِ، حَيْثُ أَوْرَدَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي الصِّحَاحِ، وَلَا اعْتِرَاضَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَوْرَدَ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ لِبَيَانِ تَوْجِيهِ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، أَعْنِي حَدِيثَ (" «إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ» ) ; لِأَنَّهُ مَقْصُودُ الْبَابِ، فَعَدَمُ وُجُودِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَا يَضُرُّهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّرْطَ إِنَّمَا هُوَ فِي مَقَاصِدِ الْبَابِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَصَفَّحَ وَتَتَبَّعَ كِتَابَ الْمَصَابِيحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute