الرَّاءِ الْمُخَفَّفَةِ الْمُجَلَّدَةُ طَبْقًا فَوْقَ طَبَقٍ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي أَلْبَسَتْ طِرَاقًا أَيْ جِلْدًا يَغْشَاهَا، وَقِيلَ: هِيَ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الْإِطْرَاقِ، وَهُوَ جَعْلُ الطِّرَاقِ بِكَسْرِ الطَّاءِ أَيِ: الْجِلْدُ عَلَى وَجْهِ التُّرْسِ، اهـ. شَبَّهَ وُجُوهَهُمْ بِالتُّرْسِ لِتَبَسُّطِهَا وَتَدْوِيرِهَا، وَبِالْمُطْرَقَةِ لِغِلَظِهَا وَكَثْرَةِ لَحْمِهَا، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ لِكِبَرِ وُجُوهِهِمْ وَإِدَارَتِهَا وَكَثْرَةِ لَحْمِهَا وَيُبُوسَتِهَا أَبَوُا الْوُجُوهَ الطَّامِعَةَ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ، لَيْسَ فِيهَا لِينَةُ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَلَا مُلَاءَمَةُ الْإِحْسَانِيَّةِ، بَلْ كَأَنَّهُمْ نَوْعٌ آخَرُ مِنْ جِنْسِ النَّاسِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمْ نِسْنَاسٌ، وَيَكْفِي فِي ذَمِّهِمْ أَنَّهُمْ فَضْلَةُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَمِنْ إِخْوَانِهِمْ، وَأُنْمُوذَجٌ وَعَيِّنَةٌ مِنْ أَعْيَانِهِمْ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي غَايَةٍ مِنَ الْفَسَادِ، وَنِهَايَةٍ مِنَ الضَّرَرِ لِلْعِبَادِ وَالْبِلَادِ، وَلَا أَرَانَا اللَّهُ وُجُوهَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْمِيعَادِ.
قَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ صِفَةً لِخُوزٍ وَكِرْمَانَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِمَا صِفَتَانِ مِنَ التُّرْكِ كَأَنَّ أَحَدَ أُصُولِ أَحَدِهِمَا مِنْ خُوزٍ، وَأَحَدَ أُصُولِ الْآخَرِ مِنْ كِرْمَانَ، فَسَمَّاهُمُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاسْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ عِنْدَنَا، كَمَا نَسَبَهُمْ إِلَى قَنْطُورَاءَ، وَهِيَ أَمَةٌ كَانَتْ لِإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَوْعُودِ فِي الْحَدِيثِ مَا وَقَعَ فِي هَذَا الْعَصْرِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالتُّرْكِ، اهـ. وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى قَضِيَّةِ جِنْكِينَ، وَمَا وَقَعَ لَهُ مِنَ الْفَسَادِ وَخُصُوصًا فِي بَغْدَادَ، وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيِهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute