٥٤٢٩ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «اتْرُكُوا الْحَبَشَةَ مَا تَرَكُوكُمْ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَخْرِجُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ إِلَّا ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ» ". ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٥٤٢٩ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) : بِالْوَاوِ (عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اتْرُكُوا الْحَبَشَةَ ") ، فِي الْقَامُوسِ: الْحَبَشُ وَالْحَبَشَةُ مُحَرَّكَتَيْنِ جِنْسٌ مِنَ السُّودَانِ (" مَا تَرَكُوكُمْ ") أَيْ: مَا دَامَ أَنَّهُمْ تَرَكُوكُمْ (" فَإِنَّهُ لَا يَسْتَخْرِجُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ ") أَيْ: كَنْزًا مَدْفُونًا تَحْتَ الْكَعْبَةِ، وَقِيلَ: مَخْلُوقًا، فِيهَا، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مَا يَجْمَعُهُ أَهْلُ السَّدَانَةِ مِنْ هَدَايَا الْكَعْبَةِ، كَذَا فِي الْأَزْهَارِ، (" إِلَّا ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ ") أَيْ: صَاحِبُ دَقِيقِ السَّاقَيْنِ (" مِنَ الْحَبَشَةِ ") أَيْ: هُوَ مِنْهُمْ، وَيَكُونُ أَمِيرَهُمْ، أَوِ الْمُرَادُ بِهِ جِنْسُ الْحَبَشِ ; لِكَوْنِ هَذَا الْوَصْفِ غَالِبًا فِيهِمْ. قَالَ النَّوَوِيُّ: هُمَا تَصْغِيرُ سَاقَيِ الْإِنْسَانِ لِدِقَّتِهَا، وَهِيَ صِفَةُ سُوقِ السُّودَانِ غَالِبًا، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ تَعَالَى: حَرَمًا آمِنًا ; وَلِأَنَّ مَعْنَاهُ آمِنًا إِلَى قُرْبِ الْقِيَامَةِ وَخَرَابِ الدُّنْيَا، وَقِيلَ: يُخَصُّ مِنْهُ قِصَّةُ ذِي السُّوَيْقَتَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ، أَقُولُ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُ حَرَمًا آمِنًا بِاعْتِبَارِ غَالِبِ الْأَحْوَالِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَضِيَّةُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَقِصَّةُ الْقَرَامِطَةِ وَنَحْوَهَا، الْمُرَادُ يَجْعَلُهُ حَرَمًا آمِنًا أَنَّهُ حُكْمٌ أَنَّهُمْ يُؤَمِّنُونَ النَّاسَ، وَلَا يَتَعَرَّضُونَ لِأَحَدٍ فِيهِ، كَمَا أَجَابَ بِهَذَا بَعْضُ أَهْلِ التَّوْفِيقِ، لَمَّا قَالَ رَئِيسُ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ مِنَ الْقَرَامِطَةِ بَعْدَمَا فَعَلُوا مِنَ الْفَسَادِ مِنْ قِبَلِ الْعِبَادِ وَخَرَابِ الْبِلَادِ، فَأَيْنَ كَلَامُ اللَّهِ: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: ٩٧] ، فَقَالَ: إِنَّمَا مَعْنَاهُ فَأَمِّنُوا مَنْ دَخَلَهُ، وَلَا تَتَعَرَّضُوا فِي مَدْخَلِهِ بِنَهْبِهِ أَوْ قَتْلِهِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) ، وَكَذَا الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute