للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٤٤٥ - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلَى الْقَبْرِ فَيَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ، وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ إِلَّا الْبَلَاءُ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٥٤٤٥ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا» ") أَيْ: لَا تَفْرَغُ وَلَا تَنْقَضِي (" حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلَى الْقَبْرِ ") : الْمُرَادُ بِهِمَا الْجِنْسُ، فَهُمَا فِي قُوَّةِ النَّكِرَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِمَا الِاسْتِغْرَاقُ، فَكُلُّ فَرْدٍ فِي هَذَا الِاسْتِحْقَاقِ (" فَيَتَمَرَّغُ ") أَيْ: يَتَقَلَّبُ الرَّجُلُ (" عَلَيْهِ ") أَيْ: فَوْقَ الْقَبْرِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَيْ يَتَمَسَّكُ عَلَى رَأْسِ الْقَبْرِ وَيَتَقَلَّبُ فِي التُّرَابِ، (" وَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ ") أَيْ: مَيِّتًا (" وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ ") : بِكَسْرِ الدَّالِ، (" إِلَّا الْبَلَاءُ ") أَيِ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى التَّمَنِّي لَيْسَ الدِّينُ بَلِ الْبَلَاءُ وَكَثْرَةُ الْمِحَنِ وَالْفِتَنِ وَسَائِرُ الضَّرَّاءِ. قَالَ الْمُظْهِرُ: الدِّينُ هُنَا الْعَادَةُ وَلَيْسَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يَتَمَرَّغُ، يَعْنِي: يَتَمَرَّغُ عَلَى رَأْسِ الْقَبْرِ، وَيَتَمَنَّى الْمَوْتَ فِي حَالٍ لَيْسَ التَّمَرُّغُ مِنْ عَادَتِهِ، وَإِنَّمَا حَمَلَ عَلَيْهِ الْبَلَاءُ.

وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ الدِّينُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، أَيْ: لَيْسَ ذَلِكَ التَّمَرُّغُ وَالتَّمَنِّي لِأَمْرٍ أَصَابَهُ مِنْ جِهَةِ الدِّينِ، لَكِنْ مِنْ جِهَةِ الدُّنْيَا، فَيُفِيدُ الْبَلَاءَ الْمُطْلَقَ بِالدُّنْيَا بِوَاسِطَةِ الْقَرِينَةِ السَّابِقَةِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) أَيْ: بِهَذَا اللَّفْظِ، وَاتَّفَقَا عَلَى: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ، كَذَا ذَكَرَهُ مِيرَكُ عَنِ التَّصْحِيحِ.

قُلْتُ: وَهَذَا اللَّفْظُ فِي الْجَامِعِ أُسْنِدَ إِلَى أَحْمَدَ وَالشَّيْخَيْنِ، وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا يَخْرُجُ الدَّجَّالُ حَتَّى لَا يَكُونَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَى الْمُؤْمِنِ مِنْ خُرُوجِ نَفْسِهِ» ". وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ أَحَبَّ إِلَى الْمُؤْمِنِ مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْعَسَلُ فَيَشْرَبُهُ» ". وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ أَبَى ذَرٍّ قَالَ: " «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَمُرُّ الْجَنَازَةُ فِيهِمْ فَيَقُولُ الرَّجُلُ: يَا لَيْتَ أَنِّي مَكَانَهُ» ".

وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبَى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: مَرِضَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَتَيْتُ أَعُودُهُ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اشْفِ أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُرْجِعْهَا، وَقَالَ: يُوشِكُ يَا أَبَا سَلَمَةَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ الْمَوْتُ أَحَبَّ إِلَى أَحَدِهِمْ مِنَ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ، وَيُوشِكُ يَا أَبَا سَلَمَةَ إِنْ بَقِيتَ إِلَى قَرِيبٍ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ الْقَبْرَ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>