للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، حَيْثُ كَانَ أَنْبِيَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كُلُّهُمْ مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ، وَإِنَّمَا نُبِّئَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَامَ مَقَامَ الْكُلِّ، وَنِعْمَ الْعِوَضُ وَصَارَ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ، فَكَذَلِكَ لَمَّا ظَهَرَتْ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ وَأَكَابِرُ الْأُمَّةِ مِنْ أَوْلَادِ الْحُسَيْنِ، فَنَاسَبَ أَنْ يَنْجَبِرَ الْحَسَنُ بِأَنْ أُعْطِيَ لَهُ وَلَدٌ يَكُونُ خَاتَمَ الْأَوْلِيَاءِ، وَيَقُومُ مَقَامَ سَائِرِ الْأَصْفِيَاءِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ: لَمَّا نَزَلَ الْحَسَنُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنِ الْخِلَافَةِ الصُّورِيَّةِ، كَمَا وَرَدَ فِي مَنْقَبَتِهِ فِي الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ: أُعْطِيَ لَهُ لِوَاءُ وَلَايَةِ الْمَرْتَبَةِ الْقُطْبِيَّةِ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَتِهَا النِّسْبَةُ الْمَهْدَوِيَّةُ الْمُقَارِنَةُ لِلنُّبُوَّةِ الْعِيسَوِيَّةِ، وَاتِّفَاقُهُمَا عَلَى إِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْمِلَّةِ النَّبَوِيَّةِ - عَلَى صَاحِبِهَا أُلُوفُ السَّلَامِ وَآلَافُ التَّحِيَّةِ - وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ أَبَى إِسْحَاقَ عَنْ عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ - مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(" وَيُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِيَ، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي ") : فَيَكُونُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فِيهِ رَدٌّ عَلَى الشِّيعَةِ ; حَيْثُ يَقُولُونَ: الْمَهْدِيُّ الْمَوْعُودُ هُوَ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ، (" يَمْلَأُ الْأَرْضَ ") : اسْتِئْنَافٌ مُبَيِّنٌ لِحَسَبِهِ، كَمَا أَنَّ مَا قَبْلَهُ مُعَيِّنٌ لِنَسَبِهِ، أَيْ: يَمْلَأُ وَجْهَ الْأَرْضِ جَمِيعًا أَوْ أَرْضَ الْعَرَبِ وَمَا يَتْبَعُهَا، وَالْمُرَادُ أَهْلُهَا، (" قِسْطًا ") : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَتَفْسِيرُهُ قَوْلُهُ (" وَعَدْلًا ") : أَتَى بِهِمَا تَأْكِيدًا، وَكَذَا الْجَمْعُ فِي قَوْلِهِ: (" كَمَا مُلِئَتْ ") أَيِ: الْأَرْضُ قَبْلَ ظُهُورِهِ (" ظُلْمًا وَجَوْرًا ") ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُغَايَرَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُجْعَلَ الظُّلْمُ هُنَا قَاصِرًا لَازِمًا وَالْجَوْرُ تَعَدِّيًا مُتَعَدِّيًا، وَكَذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْقِسْطِ إِعْطَاءُ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، وَبِالْعَدْلِ النَّصَفَةُ وَالْحُكْمُ بِمِيزَانِ الشَّرِيعَةِ وَانْتِصَارُ الْمَظْلُومِ وَانْتِقَامُهُ مِنَ الظَّالِمِ، فَيَكُونُ جَامِعًا لِمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: ٩٠] ، وَقَائِمًا بِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَنَّ الدِّينَ هُوَ التَّعْظِيمُ لِأَمْرِ اللَّهِ، وَالشَّفَقَةُ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ، وَمَوْصُوفًا بِوَصْفِ الْكَمَالِ، وَهُوَ إِجْرَاءُ كُلٍّ مِنْ تَجَلِّي الْجَمَالِ وَتَجَلِّي الْجَلَالِ فِي مَحَلِّهِ اللَّائِقِ بِكُلِّ حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، هَذَا وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا: " «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا يَوْمٌ لَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا» ". وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ، لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يَمْلِكُ جِبَالَ الدَّيْلَمِ وَالْقُسْطَنْطِينِيَّةَ» . وَفِي الْقَامُوسِ: الدَّيْلَمُ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ. وَرَوَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا: " «الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِي، وَجْهُهُ كَالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ» ".

<<  <  ج: ص:  >  >>