للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٤٧٠ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِئَةٌ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٥٤٧٠ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ) أَيِ: ابْنِ مَسْعُودٍ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ ") أَيْ: بِالنَّظَرِ إِلَى نُعُوتِهِ الثُّبُوتِيَّةِ، وَصِفَاتِهِ السَّلْبِيَّةِ، وَتَنَزُّهِهِ عَنِ الْعُيُوبِ وَالنَّقَائِصِ، وَسَائِرِ الْحُدُوثَاتِ الزَّمَانِيَّةِ وَالْمَكَانِيَّةِ، فَالْجُمْلَةُ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ: (" إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ ") ، وَمَفْهُومُهُ لَا يُعْتَبَرُ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَفْيُ النَّقْصِ وَالْعَيْبِ لَا إِثْبَاتُ الْجَارِحَةِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ، قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: هُوَ لِلتَّنْزِيهِ كَمَا وَسَّطَ سُبْحَانَهُ فِي قَوْلِهِ: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} [النحل: ٥٧] ، (" وَإِنَّ الْمَسِيحَ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ ; لِأَنَّهُ يَمْسَحُ الْأَرْضَ جَمِيعَهَا بِسُرْعَةٍ، أَوْ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ; فَإِنَّهُ مَمْسُوحُ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ. قَالَ السُّيُوطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - نَقْلًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ: إِنَّ مَنْ شَدَّدَ سِينَهُ أَوْ أَعْجَمَ حَاءَهُ فَقَدْ حَرَّفَ، انْتَهَى. وَهُوَ لَقَبٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَكِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ بِمَعْنَى الْمَاسِحِ ; لِحُصُولِ الْبُرْءِ بِبَرَكَةِ مَسْحِهِ، وَبِمَعْنَى الْمَمْسُوحِ ; لِنُزُولِهِ نَظِيفًا مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْمَسِيحُ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِبَرَكَتِهِ، وَذَكَرْتُ فِي اشْتِقَاقِهِ خَمْسِينَ قَوْلًا فِي شَرْحِي لِمَشَارِقِ الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ، وَالدَّجَّالُ لِشُؤْمِهِ، أَوْ هُوَ كَسِكِّينٍ، وَالْمَمْسُوحُ بِالشُّؤْمِ وَالْكَثِيرُ السِّيَاحَةِ كَالْمِسِّيحِ كَسِكِّينٍ، وَالْمَمْسُوحُ الْوَجْهِ وَالْكَذَّابُ، (" الدَّجَّالُ ") : تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ، (" أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى ") : مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ " إِلَى الصِّفَةِ، وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ كَالطِّيبِيِّ قَالَ أَيْ: عَيْنِ الْجُثَّةِ أَوِ الْجِهَةِ الْيُمْنَى (" كَأَنَّ ") : بِتَشْدِيدِ النُّونِ (" عَيْنَهُ) أَيِ: الْعَوْرَاءَ أَوِ الْأُخْرَى (" عِنَبَةٌ ") أَيْ: شَبِيهَةٌ بِهَا، فَهُوَ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ (" طَافِيَةٌ ") : بِالْيَاءِ وَيُهْمَزُ أَيْ مُرْتَفِعَةٌ. قَالَ مِيرَكُ: رُوِيَتْ بِهَمْزٍ وَتَرْكِهِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَهِيَ النَّائِبَةُ عَنْ أَحَدِ أَخَوَاتِهَا مِنَ الطَّفْوِ، وَهُوَ أَنْ يَعْلُوَ الشَّيْءُ عَلَى الْمَاءِ، انْتَهَى. وَمِنْهُ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَبَيْنَ مَا رُوِيَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَاتِئَةٍ وَلَا حَجْرَاءَ، أَيْ: لَا طَافِئَةٍ مُرْتَفِعَةٍ وَلَا غَائِرَةٍ مُتَحَجِّرَةٍ ; لِإِمْكَانِ اجْتِمَاعِ الْوَصْفَيْنِ بِاخْتِلَافِ الْمَعْنَيَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>