أَيِ: اسْتِغْنَاءً بِعَطَاءِ الْأَحَدِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا) أَيْ: لِمُسْلِمٍ وَالْبُخَارِيِّ بِقَرِينَةِ ذِكْرِ مُسْلِمٍ، فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنْ يَكُونَ قَرِينًا لَهُ، فِيهِ نَوْعُ تَغْلِيبٍ لِلْحَاضِرِ عَلَى الْغَائِبِ. (قَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (" كَيْفَ أَنْتُمْ ") أَيْ: حَالُكُمْ وَمَآلُكُمْ (" إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ ") ؟ أَيْ: مِنْ أَهْلِ دِينِكُمْ، وَقِيلَ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ الْمَهْدِيُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ إِمَامَكُمْ وَاحِدٌ مِنْكُمْ دُونَ عِيسَى، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِيفَةِ، وَقِيلَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يَكُونُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَلْ مُقَرِّرًا لِمِلَّتِهِ وَمُعِينًا لِأُمَّتِهِ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.
وَفَى شَرْحِ السُّنَّةِ قَالَ مَعْمَرٌ: وَإِنَّكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: فَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ، قَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فِي مَعْنَاهُ: فَأَمَّكُمْ بِكِتَابِ رَبِّكُمْ وَسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ.
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: فَالضَّمِيرُ فِي إِمَامِكُمْ لِعِيسَى، وَمِنْكُمْ حَالٌ، أَيْ: يَؤُمُّكُمْ عِيسَى حَالَ كَوْنِهِ مِنْ دِينِكُمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى إِمَامِكُمْ مِنْكُمْ كَيْفَ حَالُكُمْ وَأَنْتُمْ مُكْرَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْحَالُ أَنَّ عِيسَى يَنْزِلُ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ، وَعِيسَى يَقْتَدِي بِإِمَامِكُمْ تَكْرِمَةً لِدِينِكُمْ، وَيَشْهَدُ لَهُ الْحَدِيثُ الْآتِي اهـ. وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute