٥٥٣١ - «وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ يُعِيدُ اللَّهُ الْخَلْقَ؟ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ؟ قَالَ: " أَمَا مَرَرْتَ بِوَادِي قَوْمِكَ جَدْبًا ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا "؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " فَتِلْكَ آيَةُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ "، {كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى} [البقرة: ٧٣] » . رَوَاهُمَا رَزِينٌ.
ــ
٥٥٣١ - (وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ) : بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ (الْعُقَيْلِيِّ) : مُصَغَّرًا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَسْمَائِهِ (قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ يُعِيدُ اللَّهُ الْخَلْقَ؟ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ) أَيْ: عَلَامَتُهُ (فِي خَلْقِهِ) ؟ أَيْ مَخْلُوقَاتِهِ الْمَوْجُودِينَ (قَالَ: أَمَا مَرَرْتَ بِوَادِي قَوْمِكَ جَدْبًا) : بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْقَامُوسِ، وَفِي الْمُقَدِّمَةِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ، وَقَدْ تُسَكَّنُ ضِدُّ الْخِصْبِ، (ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ) : بِتَشْدِيدِ الزَّايِ يَتَحَرَّكُ (خَضِرًا) ؟ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: يَهْتَزُّ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَخَضِرًا نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ، اسْتَعَارَ الِاهْتِزَازَ لِأَشْجَارِ الْوَادِي تَصْوِيرًا لِحُسْنِهَا، وَيُقَالُ: اهْتَزَّ فُلَانٌ فَرَحًا أَيْ خَفَّ لَهُ، وَكُلُّ مَنْ خَفَّ لِأَمْرٍ وَارْتَاحَ لَهُ فَقَدِ اهْتَزَّ لَهُ. (قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَتِلْكَ آيَةُ اللَّهِ) أَيْ: عَلَامَةُ قُدْرَتِهِ (فِي خَلْقِهِ) أَيْ وَفِي إِعَادَتِهِ وَالْعَوْدُ أَحْمَدُ. قَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: ٢٧] ، الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا اسْتِشْهَادٌ بِالْآيَةِ أَوِ اقْتِبَاسٌ مِنْهَا. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَيْ لَيْسَ فَرْقٌ بَيْنَ إِنْشَاءِ خَلْقٍ وَإِعَادَتِهِ، وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى} [البقرة: ٧٣] بَيَانٌ لِلتَّسْوِيَةِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: ٧٩] أَيْ: بِكُلٍّ مِنَ الْإِنْشَاءِ وَالْإِعَادَةِ عَلِيمٌ، وَنَظِيرُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الدَّلَالَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الروم: ٥٠] يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ الْقَادِرَ الَّذِي يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، هُوَ الَّذِي يُحْيِي النَّاسَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْمَقْدُورَاتِ قَادِرٌ، وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَقْدُورَاتِ بِدَلِيلِ الْإِنْشَاءِ. (رَوَاهُمَا) أَيِ: الْحَدِيثَيْنِ (رَزِينٌ) . قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ: هُوَ أَبُو الْحَسَنِ رَزِينُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْعَبْدَرِيُّ الْحَافِظُ صَاحِبُ كِتَابِ التَّجْرِيدِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصِّحَاحِ، مَاتَ بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَالْخَمْسِمِائَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute