الرَّاوِي: (فَأَتَى رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ) أَيْ: مِنْ أَحْبَارِهِمْ (فَقَالَ: بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ) : دَعَا لَهُ بِنُزُولِ كَثْرَةِ الرَّحْمَةِ عَلَيْهِ، أَوْ إِخْبَارًا عَنْهُ (يَا أَبَا الْقَاسِمِ!) : كَنَّاهُ تَعْظِيمًا (أَلَا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: بَلَى. قَالَ: تَكُونُ الْأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَظَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْنَا) أَيِ: الْتِفَاتٌ وَتَعَجُّبٌ وَتَنْبِيهٌ (ثُمَّ ضَحِكَ) أَيْ: فَرَحًا لِلْمُطَابَقَةِ وَالْمُوَافَقَةِ (حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ) أَيْ: ظَهَرَتْ آخِرُ أَضْرَاسِهِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْمُبَالَغَةِ، (ثُمَّ قَالَ) أَيِ: الْيَهُودِيُّ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَدَامِهِمْ) ؟ أَيْ بِمَا يَأْتَدِمُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْخُبْزَةَ بِهِ (بَالَامٌ) أَيْ: هُوَ بَالَامٌ وَهُوَ عَلَى وَزْنِ فَاعَانٌ أَيْ ثَوْرٌ، (وَالنُّونُ) أَيِ: السَّمَكُ (قَالُوا) أَيِ: الصَّحَابَةُ (وَمَا هَذَا) ؟ أَيْ مَا مَعْنَى الَّذِي ذَكَرْتَهُ (قَالَ: ثَوْرٌ وَنُونٌ يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا) ، قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: أَمَّا النُّونُ فَهُوَ الْحُوتُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا بَالَامٌ فَبِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَتَخْفِيفِ لَامٍ وَمِيمٍ مُنَوَّنَةٍ مَرْفُوعَةٍ، وَفِي مَعْنَاهُ أَقْوَالٌ، وَالصَّحِيحُ مِنْهَا مَا اخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَنَّهَا لَفْظَةٌ عِبْرَانِيَّةٌ مَعْنَاهَا بِالْعَرَبِيَّةِ الثَّوْرُ، وَفَسَّرَ الْيَهُودِيُّ بِهِ، وَلَوْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً لَعَرَفَهَا الصَّحَابَةُ وَلَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى سُؤَالِهِ عَنْهَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: يَأْكُلُ مِنْهَا سَبْعُونَ أَلْفًا فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ: إِنَّهُمُ السَّبْعُونَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِلَا حِسَابٍ ; فَخُصُّوا بِأَطْيَبِ النُّزُلِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَبَّرَ بِهِ مِنَ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ، وَلَمْ يُرِدِ الْحَصْرَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute