٥٥٥١ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ! حَتَّى قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ. قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ. وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيُنَادَى بِهِمْ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: ١٨] » . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٥٥٥١ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ) : بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ: يُقَرِّبُهُ قُرْبَ كَرَامَةٍ لَا قُرْبَ مَسَافَةٍ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، وَالْمُؤْمِنُ فِي الْمَعْنَى كَالنَّكِرَةِ، إِذْ لَا عَهْدَ فِي الْخَارِجِ وَلَا بُعْدَ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْجِنْسُ (فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ) : بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ يَحْفَظُهُ مُسْتَعَارٌ مِنْ كَنَفِ الطَّائِرِ وَهُوَ جَنَاحُهُ ; لِأَنَّهُ يَحُوطُ بِهِ نَفْسَهُ وَيَصُونُ بِهِ بَيْضَتَهُ، (وَيَسْتُرُهُ) أَيْ: عَنْ أَهْلِ الْمَوْقِفِ ; كَيْلَا يَفْتَضِحَ، وَقِيلَ: أَيْ يُظْهِرُ عِنَايَتَهُ عَلَيْهِ وَيَصُونُهُ عَنِ الْخِزْيِ بَيْنَ أَهْلِ الْمَوْقِفِ (كَمَا يَضَعُ أَحَدُكُمْ كَنَفَ ثَوْبِهِ) أَيْ: طَرَفَهُ (عَلَى رَجُلٍ) إِذَا أَرَادَ صِيَانَتَهُ وَقَصَدَ حَمِيَّتَهُ، وَهَذَا تَمْثِيلٌ. قِيلَ: هَذَا فِي عَبْدٍ لَمْ يَغْتَبْ وَلَمْ يَعِبْ وَلَمْ يَفْضَحْ أَحَدًا وَلَمْ يَشْمَتْ بِفَضِيحَةِ مُسْلِمٍ، بَلْ سَتَرَ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَهْتِكُ عِرْضَ أَحَدٍ عَلَى مَلَأٍ مِنَ النَّاسِ، فَسَتَرَهُ اللَّهُ وَجَعَلَهُ تَحْتَ كَنَفِ حِمَايَتِهِ جَزَاءً وِفَاقًا مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِ. (فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا) ؟ فِي التَّكْرِيرِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّكْثِيرِ، وَإِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُ عَالِمٌ بِمَا فِي الضَّمِيرِ، (فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّي! حَتَّى قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ) أَيْ: جَعَلَهُ مُقِرًّا بِهَا بِأَنْ أَظْهَرَهَا لَهُ وَأَلْجَأَهُ إِلَى الْإِقْرَارِ بِهَا، (وَرَأَى فِي نَفْسِهِ) أَيْ: ظَنَّ الْمُؤْمِنُ فِي بَاطِنِهِ (أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ) أَيْ: مَعَ الْهَالِكِينَ وَلَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ مَعَ النَّاجِينَ، وَقَالَ شَارِحٌ، أَيْ: عَلِمَ اللَّهُ فِي ذَاتِهِ أَنَّهُ هَلَكَ أَيِ الْمُؤْمِنُ، وَيَجُوزُ كَوْنُ ضَمِيرِ رَأَى لِلْمُؤْمِنِ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ. (قَالَ) أَيِ: اللَّهُ تَعَالَى (سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ) أَيْ: بِيَمِينِهِ (وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيُنَادَى بِهِمْ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ} [هود: ١٨] ) أَيْ: بِإِثْبَاتِ الشَّرِيكِ وَنَحْوِهِ {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: ١٨] أَيِ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute