للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

٥٥٦١ - «عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: جَاءَ رَجُلٌ فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي مَمْلُوكِينَ يَكْذِبُونَنِي، وَيَخُونُونَنِي وَيَعْصُونَنِي، وَأَشْتِمُهُمْ وَأَضْرِبُهُمْ، فَكَيْفَ أَنَا مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُحْسَبُ مَا خَانُوكَ وَعَصَوْكَ وَكَذَّبُوكَ، وَعِقَابُكَ إِيَّاهُمْ، فَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ بِقَدْرِ ذُنُوبِهِمْ كَانَ كَفَافًا لَا لَكَ وَلَا عَلَيْكَ، وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ دُونَ ذَنْبِهِمْ كَانَ فَضْلًا لَكَ، وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ فَوْقَ ذُنُوبِهِمْ، اقْتُصَّ لَهُمْ مِنْكَ الْفَضْلُ. فَتَنَحَّى الرَّجُلُ، وَجَعَلَ يَهْتِفُ وَيَبْكِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا تَقْرَأُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: ٤٧] . فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَجِدُ لِي وَلِهَؤُلَاءِ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ مُفَارَقَتِهِمْ، أُشْهِدُكَ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ أَحْرَارٌ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

٥٥٦١ - (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَاءَ رَجُلٌ فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: قُدَّامَهُ (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي مَمْلُوكِينَ) : بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ مَمَالِيكَ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ فَفِيهِ تَغْلِيبٌ، (يَكْذِبُونَنِي) أَيْ: يَكْذِبُونَ فِي أَخْبَارِهِمْ لِي (وَيَخُونُونَنِي) أَيْ: فِي مَالِي (وَيَعْصُونَنِي) أَيْ: فِي أَمْرِي وَنَهْيِي، (وَأَشْتِمُهُمْ) : بِكَسْرِ التَّاءِ وَيُضَمُّ، فَفِي الْمِصْبَاحِ: شَتَمَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَفِي الْقَامُوسِ: مِنْ بَابِ نَصَرَ أَيْضًا، أَيْ أَسُبُّهُمْ (وَأَضْرِبُهُمْ) أَيْ: ضَرْبَ تَأْدِيبٍ (فَكَيْفَ أَنَا مِنْهُمْ) ؟ أَيْ كَيْفَ يَكُونُ حَالِي مِنْ أَجْلِهِمْ وَبِسَبَبِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُحْسَبُ مَا خَانُوكَ وَعَصَوْكَ وَكَذَّبُوكَ) أَيْ: مِقْدَارُهَا (وَعِقَابُكَ) : عَطْفٌ عَلَى مَا خَانُوكَ، أَيْ: وَيُحْسَبُ أَيْضًا قَدْرُ شَتْمِكَ وَضَرْبِكَ إِيَّاهُمْ، (فَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ بِقَدْرِ ذُنُوبِهِمْ) أَيْ: عُرْفًا وَعَادَةً (كَانَ) أَيْ: أَمْرُكَ (كَفَافًا) : بِفَتْحِ الْكَافِ، فَفِي الْقَامُوسِ: كَفَافُ الشَّيْءِ كَسَحَابٍ مِثْلُهُ، وَمِنَ الرِّزْقِ مَا كَفَّ عَنِ النَّاسِ وَأَغْنَى. وَفِي النِّهَايَةِ: الْكَفَافُ الَّذِي لَا يَفْضُلُ عَنِ الشَّيْءِ وَيَكُونُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الْأَنْسَبُ بِالْمَقَامِ ; وَلِذَا قَالَ بَيَانًا لَهُ: (لَا لَكَ وَلَا عَلَيْكَ) أَيْ: لَيْسَ لَكَ فِيهِ ثَوَابٌ وَلَا عَلَيْكَ فِيهِ عِقَابٌ، بَلْ فِعْلُهُ مُبَاحٌ لَيْسَ عَلَيْكَ جُنَاحٌ، (فَإِنْ) : وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ دُونَ ذَنْبِهِمْ) أَيْ: أَقَلَّ مِنْهُ (كَانَ فَضْلًا لَكَ) أَيْ: عَلَيْهِمْ ; فَإِنْ قَصَدْتَ الثَّوَابَ تُجْزِيهِ وَإِلَّا فَلَا، (وَإِنْ كَانَ عِقَابُكَ إِيَّاهُمْ فَوْقَ ذُنُوبِهِمْ) : بِالْجَمْعِ هُنَا وَبِالْإِفْرَادِ فِيمَا سَبَقَ، الْمُرَادُ مِنْهُ الْجِنْسُ تَفَنُّنٌ فِي الْكَلَامِ أَيْ: أَكْثَرَ مِنْهُ (اقْتُصَّ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: أُخِذَ بِمِثْلِهِ (لَهُمْ) أَيْ: لِأَجْلِهِمْ (مِنْكَ الْفَضْلُ) أَيِ: الزِّيَادَةُ، (فَتَنَحَّى الرَّجُلُ) أَيْ: بَعُدَ عَنِ الْمَجْلِسِ (وَجَعَلَ يَهْتِفُ) : بِكَسْرِ التَّاءِ أَيْ: شَرَعَ يَصِيحُ (وَيَبْكِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا تَقْرَأُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ} [الفاتحة: ٤٧ - ١٩٨٢٩] أَيْ: ذَوَاتِ الْقِسْطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>