للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الثَّانِي

٥٦٣٠ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِمَّ خُلِقَ الْخَلْقُ؟ قَالَ: " مِنَ الْمَاءِ ". قُلْنَا: الْجَنَّةُ مَا بِنَاؤُهَا؟ قَالَ: " لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَمِلَاطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ، وَحَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ، وَتُرْبَتُهَا الزَّعْفَرَانُ، مَنْ يَدْخُلُهَا يَنْعَمُ وَلَا يَبْأَسُ، وَيَخْلُدُ وَلَا يَمُوتُ، وَلَا يَبْلَى ثِيَابُهُمْ، وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُمْ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّانِي

٥٦٣٠ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِمَّ خُلِقَ الْخَلْقُ؟ قَالَ: (مِنَ الْمَاءِ» ) . قِيلَ: أَيْ مِنَ النُّطْفَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ اقْتِبَاسًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: ٣٠] أَيْ وَخَلَقْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ حَيَوَانٍ؛ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} [النور: ٤٥] وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَاءَ أَعْظَمُ مَوَادِّهِ، أَوْ لِفَرْطِ احْتِيَاجِهِ إِلَيْهِ وَانْتِفَاعِهِ بِعَيْنِهِ، وَقُرِئَ " حَيًّا " عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ كُلٍّ، أَوْ مَفْعُولٌ ثَانٍ، وَالظَّرْفُ لَغْوٌ، وَالشَّيْءُ مَخْصُوصٌ بِالْحَيَوَانِ (قُلْنَا) : وَفِي نُسْخَةٍ ضَعِيفَةٍ: قُلْتُ ( «الْجَنَّةُ مَا بِنَاؤُهَا» ) أَيْ: هَلْ مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ شَعَرٍ. ( «قَالَ: لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ» ) ، أَيْ بِنَاؤُهَا مُلَمَّعٌ وَمُرَصَّعٌ مِنْهُمَا، أَوْ ذَكَرَ النَّوْعَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْجَنَّتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (وَمِلَاطُهَا) بِكَسْرِ الْمِيمِ، أَيْ مَا بَيْنَ اللَّبِنَتَيْنِ مَوْضِعُ النُّورَةِ (الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ) ، أَيِ الشَّدِيدُ الرِّيحِ، فِي " النِّهَايَةِ ": الْمِلَاطُ الطِّينُ الذَّكِيُّ يُجْعَلُ بَيْنَ سَاقِ الْبَنَّاءِ يُمَلَّطُ بِهِ الْحَائِطُ أَيْ: يُخْلَطُ (وَحَصْبَاؤُهَا) أَيْ: حَصْبَاؤُهَا الصِّغَارُ الَّتِي فِي الْأَنْهَارِ (اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ) ، أَيْ مِثْلُهُمَا فِي اللَّوْنِ وَالصَّفَاءِ، (وَتُرْبَتُهَا) أَيْ: مَكَانُ تُرَابِهَا (الزَّعْفَرَانُ) ، أَيِ النَّاعِمُ الْأَصْفَرُ الطَّيِّبُ الرِّيحِ، فَجَمَعَ بَيْنَ أَلْوَانِ الزِّينَةِ وَهِيَ الْبَيَاضُ وَالْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ، وَيَتَكَمَّلُ بِالْأَشْجَارِ الْمُلَوَّنَةِ بِالْخُضْرَةِ، وَلَمَّا كَانَ السُّودُ مِمَّا يَغُمُّ الْفُؤَادَ خُصَّ بِأَهْلِ الْعِنَادِ مِنَ الْعِبَادِ ( «مَنْ يَدْخُلُهَا يَنْعَمُ وَلَا يَبْأَسُ» ) : بِفَتْحِ وَسَطِهِمَا.

قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَدْ وَجَدْنَاهُ فِي الْمَصَابِيحِ وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الْحَدِيثِ: يَبْؤُسُ، بِالْهَمْزَةِ الْمَضْمُومَةِ لِدَلَالَةِ الْوَاوِ عَلَى الضَّمِّ، وَبَأَسَ الْأَمْرُ يَبْؤُسُ إِذَا اشْتَدَّ، وَبَأَسَ يَبْأَسُ إِذَا افْتَقَرَ، وَالْغَلَطُ إِنَّمَا وَقَعَ فِي رَسْمِ الْخَطِّ، وَالصَّوَابُ لَا يَبْأَسُ انْتَهَى. وَفِي الْقَامُوسِ: الْبَأْسُ الْعَذَابُ وَالشِّدَّةُ فِي الْحَرْبِ، وَمِنْهُ الْبَأْسُ، وَبَؤُسَ كَكَرُمَ وَبَئِسَ كَسَمِعَ: اشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ، وَمِنْهُ الْبَأْسَاءُ. (وَيَخْلُدُ) أَيْ: يَدُومُ فِيهَا فَلَا يَتَحَوَّلُ عَنْهَا (وَلَا يَمُوتُ) ، أَيْ لَا يَفْنَى بَلْ دَائِمًا يَبْقَى (وَلَا تَبْلَى) : بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ لَا تَخْلَقُ وَلَا تَتَقَطَّعُ (ثِيَابُهُمْ) ، وَكَذَا أَثَاثُهُمْ (وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُمْ) أَيْ: لَا يَهْرَمُونَ وَلَا يَخْرُفُونَ، وَلَا يُغَيِّرُهُمْ مُضِيُّ الزَّمَانِ، فَإِنَّهُمْ خُلِقُوا لِنَعِيمِ الْأَبَدِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>