٤٦٢ - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ ; فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٤٦٢ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ ": بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا، أَيْ: حَوِّلُوا أَبْوَابَهَا (" عَنِ الْمَسْجِدِ ") : قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا اللَّفْظُ إِذَا اسْتُعْمِلَ بِـ " عَنْ " مَعْنَاهُ الصَّرْفُ مِنْ جَانِبٍ إِلَى آخَرَ، وَبِـ " إِلَى " مَعْنَاهُ الْإِقْبَالُ إِلَى الشَّيْءِ، أَيِ: اصْرِفُوا أَبْوَابَ هَذِهِ الْبُيُوتِ الَّتِي فُتِحَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ إِلَى جَانِبٍ آخَرَ ; كَيْلَا يَمُرَّ الْجُنُبُ أَوِ الْحَائِضُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ دُونَ الْمُكْثِ خِلَافًا لِأَحْمَدَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، يَحْرُمُ الْمُرُورُ فِيهِ، قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: ضُمِّنَ مَعْنَى الصَّرْفِ؛ يُقَالُ: وُجِّهَ إِلَيْهِ أَيْ: أَقَبْلَ، وَوُجِّهَ عَنْهُ أَيْ: صُرِفَ، وَفِي اسْمِ الْإِشَارَةِ إِشَارَةٌ إِلَى تَحْقِيرِ الْبُيُوتِ وَتَعْظِيمِ شَأْنِ الْمَسَاجِدِ، (" «فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» ") : تَعْلِيلٌ وَبَيَانٌ لِلْوَصْفِ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ الْحُكْمِ. فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَلَا لِلْحَائِضِ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَجَوَّزَ الشَّافِعِيُّ الْمُرُورَ فِيهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَجَوَّزَ أَحْمَدُ وَالْمُزَنِيُّ الْمُكْثَ فِيهِ أَيْضًا، وَأَوَّلُوا {عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: ٤٣] بِالْمُسَافِرِينَ تُصِيبُهُمُ الْجَنَابَةُ فَيَتَيَمَّمُونَ وَيُصَلُّونَ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) مِنْ طَرِيقِ أَفْلَتَ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ جَسْرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: عِنْدَ جَسْرَةَ عَجَائِبُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فِيهَا نَظَرٌ، وَقَالَ الْخَطَّابُ: ضَعَّفُوا هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالُوا: أَفْلَتُ رَاوِيَةٌ مَجْهُولٌ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِحَدِيثِهِ، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ وَالْأَحَادِيثَ الضَّعِيفَةَ، كَذَا نَقَلَهُ السَّيِّدُ عَنِ التَّخْرِيجِ، لَكِنْ أَبُو دَاوُدَ لَمْ يُضَعِّفْهُ فَيَكُونُ عِنْدَهُ صَالِحًا لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَمِنْ ثَمَّ حَسَّنَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ مَعَ اطِّلَاعِهِمْ عَلَى تَضْعِيفِ جَمْعٍ لَهُ، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ نَحْوَهُ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: ٤٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: أَيْ مَوَاضِعَهَا، وَهِيَ الْمَسَاجِدُ لَا غَيْرَ إِذْ هِيَ الْمَوْضُوعَةُ لَهَا ابْتِدَاءً وَدَوَامًا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَذَهَبَ الْمُزَنِيُّ وَدَاوُدُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمْ إِلَى حِلِّ إِبَاحَةِ الْمُكْثِ فِيهِ مُطْلَقًا. وَوَجَهَّهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ الْحِلُّ قَالَ: وَلَيْسَ لِمَنْ حَرَّمَ دَلِيلٌ صَحِيحٌ صَرِيحٌ. قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute