(وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ) أَيِ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: ١١] قَالَ: أَعَادَهُ تَأْكِيدًا (رَأَى النَّبِيُّ) وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (جِبْرِيلَ فِي حُلَّةٍ مِنْ رَفْرَفٍ) ، فَفِي النِّهَايَةِ: أَيْ بِسَاطٍ، وَقِيلَ: فِرَاشٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الرَّفْرَفَ جَمْعًا وَاحِدُهُ رَفْرَفَةٌ، وَجَمْعُ الرَّفْرَفِ رَفَارِفُ. قُلْتُ: الْأَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ ثِيَابٌ خُضْرٌ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي، وَيُقَوِّيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} [الرحمن: ٧٦] أَوْ قِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ بَسَطَ أَجْنِحَتَهُ فَصَارَتْ شِبْهَ الرَّفْرَفِ. قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ: رَفْرَفَ الطَّائِرُ بِجَنَاحَيْهِ بَسَطَهُمَا عِنْدَ السُّقُوطِ عَلَى شَيْءٍ تَحُومُ عَلَيْهِ لِتَقَعَ فَوْقَهُ. وَفِي الْقَامُوسِ: رَفَّ الطَّائِرُ بَسَطَ جَنَاحَيْهِ، كَرَفْرَفَ. وَالثُّلَاثِيُّ مُسْتَعْمَلٌ، وَالرَّفُّ شِبْهُ الطَّاقِ كَالرَّفْرَفِ جَمْعُهُ رُفُوفٌ، وَالثَّوْبُ النَّاعِمُ، وَالرُّفُوفُ ثِيَابٌ يُتَّخَذُ مِنْهَا الْمَجَالِسُ وَتُبْسَطُ، وَالرَّقِيقُ مِنْ ثِيَابِ الدِّيبَاجِ. (قَدْ مَلَأَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) .
(وَلَهُ) أَيْ لِلتِّرْمِذِيِّ (وَلِلْبُخَارِيِّ) أَيْ أَيْضًا، وَقَدَّمَ التِّرْمِذِيَّ لِتَقَدُّمِ مَرْجِعِهِ (فِي قَوْلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَالَ الْآتِي: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: ١٨] (قَالَ) أَيِ ابْنُ مَسْعُودٍ (رَأَى رَفْرَفًا) أَيْ ذَا رَفْرَفٍ (أَخْضَرَ، سَدَّ أُفُقَ السَّمَاءِ) ، وَهُوَ جِبْرِيلُ كَمَا سَبَقَ عَنْهُ أَيْضًا، وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِمَا قَرَّرْنَاهُ وَفِي تَحْرِيرِ الْكَلَامِ قَدَّرْنَاهُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute