يَرْتَكِبُهُ، وَيَرْتَعِدُ مِمَّا يَرْكَبُهُ مِنْ أَعْبَاءِ جَلَالِهِ وَهَيْبَتِهِ (أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ) أَيْ: كَعَجْزِ الرَّحْلِ عَنِ احْتِمَالِ الرَّاكِبِ. فِي النِّهَايَةِ أَيْ: أَنَّ الْعَرْشَ لِيَعْجَزُ عَنْ حَمْلِهِ وَعَظَمَتِهِ، إِذْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ، إِنَّمَا يَكُونُ لِقُوَّةِ مَا فَوْقَهُ وَعَجْزِهِ عَنِ احْتِمَالِهِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْكَلَامُ إِذَا أُجْرِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ كَانَ فِيهِ نَوْعٌ مِنَ الْكَيْفِيَّةِ، وَالْكَيْفِيَّةُ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَصِفَاتِهِ مَنْفِيَّةٌ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ تَحْقِيقُ هَذِهِ الصِّفَةِ، وَلَا تَحْدِيدُهُ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلَامُ تَقْرِيبٍ أُرِيدَ بِهِ تَقْرِيرُ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي النُّفُوسِ، وَإِفْهَامِ السَّائِلِ مِنْ حَيْثُ يُدْرِكُهُ فَهْمُهُ إِذْ كَانَ أَعْرَابِيًّا حَافِيًا لَا عِلْمَ لَهُ بِمَعَانِي مَا دَقَّ مِنَ الْكَلَامِ، وَقَرَّرَ بِهَذَا التَّمْثِيلِ وَالتَّشْبِيهِ مَعْنَى عَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ فِي نَفْسِ السَّائِلِ، وَأَنَّ مَنْ يَكُونُ كَذَلِكَ لَا يُجْعَلُ شَفِيعًا إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ. أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنَّ مَعْنَى يَئِطُّ يُصَوِّتُ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّنْزِيهِ مِنْ عَظْمَةِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ، حَيْثُ تَحَيَّرَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ مِنْ مَعْرِفَةِ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، كَصَوْتِ الرَّحْلِ الْجَدِيدِ بِالرَّاكِبِ الثَّقِيلِ الشَّدِيدِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالْقَوْلِ السَّدِيدِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute