٥٧٤١ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٥٧٤١ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ، فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ. قَالَ الْهَرَوِيُّ: السَّيِّدُ هُوَ الَّذِي يَفُوقُ قَوْمَهُ فِي الْخَيْرِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الَّذِي يُفْزَعُ إِلَيْهِ فِي النَّوَائِبِ وَالشَّدَائِدِ، فَيَقُومُ بِأُمُورِهِمْ، وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُمْ مَكَارِهَهُمْ وَيَدْفَعُهَا عَنْهُمْ، وَالتَّقْيِيدُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ مَعَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيِّدُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَظْهَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سُؤْدُدُهُ بِلَا مُنَازِعٍ وَلَا مُعَانِدٍ، بِخِلَافِ الدُّنْيَا، فَقَدْ نَازَعَهُ فِيهَا مُلُوكُ الْكُفَّارِ وَزُعَمَاءُ الْمُشْرِكِينَ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: ١٦] مَعَ أَنَّ الْمُلْكَ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، لَكِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مَنْ يَدَّعِي الْمُلْكَ، أَوْ مَنْ يُضَافُ إِلَيْهِ مَجَازًا، فَانْقَطَعَ كُلُّ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى كُلِّ الْخَلْقِ، لِأَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْآدَمِيَّ أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ الْآدَمِيِّينَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ: «لَا تُفَضِّلُونِي بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ» فَجَوَابُهُ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: أَحُدُهَا: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَالثَّانِي: قَالَهُ أَدَبًا وَتَوَاضُعًا. وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْمَنْهِيَّ إِنَّمَا هُوَ عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إِلَى تَنْقِيصِ الْمَفْضُولِ. وَالرَّابِعُ: إِنَّمَا نَهَى عَنْ تَفْضِيلٍ يُؤَدِّي إِلَى الْخُصُومَةِ وَالْفِتْنَةِ. وَالْخَامِسُ: أَنَّ النَّهْيَ مُخْتَصٌّ بِالتَّفْضِيلِ فِي نَفْسِ النُّبُوَّةِ وَلَا تَفَاضُلَ فِيهَا، وَإِنَّمَا التَّفَاضُلُ فِي الْخَصَائِصِ وَفَضَائِلَ أُخْرَى، وَلَا بُدَّ مِنِ اعْتِقَادِ التَّفْضِيلِ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: ٢٥٣] وَقَدْ قَالَ: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} [الإسراء: ٥٥] (وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ) ، أَيْ: فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يُبْعَثَ مَنْ قَبْرِهِ وَيَحْضُرَ فِي الْمَحْشَرِ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجًا إِذَا بُعِثُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا وَفَدُوا، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا أَيِسُوا، لِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي وَلَا فَخْرَ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، ثُمَّ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ آتِي أَهْلَ الْبَقِيعِ فَيُحْشَرُونَ مَعِي، ثُمَّ أَنْتَظِرُ أَهْلَ مَكَّةَ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ فَأُكْسَى حُلَّةً مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ أَقُومُ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْخَلَائِقِ يَقُومُ ذَلِكَ الْمَقَامَ غَيْرِي» (وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ) أَيْ: فِي ذَلِكَ الْمَحْضَرِ، (وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ) : بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ: أَوَّلُ مَنْ تُقْبَلُ شَفَاعَتُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي أَنْوَاعِ الشَّفَاعَاتِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَكْمَلُ الْمَوْجُودَاتِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . وَكَذَا أَبُو دَاوُدَ، وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ وَلَا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمُ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ وَلَا فَخْرَ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute