٥٧٦٥ - وَعَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجًا إِذَا بُعِثُوا، وَأَنَا قَائِدُهُمْ إِذَا وَفَدُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا أَنْصَتُوا، وَأَنَا مُسْتَشْفِعُهُمْ إِذَا حُبِسُوا، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا أَيِسُوا الْكَرَامَةُ، وَالْمَفَاتِيحُ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وَلِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي، يَطُوفُ عَلَيَّ أَلْفُ خَادِمٍ كَأَنَّهُمْ بَيْضٌ مُكْنُونٌ، أَوْ لُؤْلُؤٌ مَنْثُورٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ــ
٥٧٦٥ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجًا إِذَا بُعِثُوا) أَيْ: مِنْ قُبُورِهِمْ (وَأَنَا ثَانِيهِمْ) أَيْ: مَتْبُوعُهُمْ (إِذْ وَفَدُوا) أَيْ إِذَا قَدِمُوا (عَلَى اللَّهِ) وَالْوَفِدُ جَمَاعَةٌ يَأْتُونَ الْمَلِكَ لِحَاجَةٍ (وَأَنَا خَطِيبُهُمْ) أَيْ الْمُتَكَلِّمُ عَنْهُمْ (إِذَا أَنْصَتُوا) ، أَيْ إِذَا سَكَتُوا عَنْ الِاعْتِذَارِ مُتَحَيِّرِينَ، فَأَعْتَذِرُ عَنْهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ، فَيَكُونُ لِي قُدْرَةٌ عَلَى الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ دُونَ سَائِرِ الْأَنَامِ، فَأُطْلِقُ اللِّسَانَ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَلَمْ يُؤْذَنْ لِأَحَدٍ حِينَئِذٍ فِي التَّكَلُّمِ غَيْرِي، فَهُوَ مَخْصُوصٌ مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ - وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: ٣٥ - ٣٦] أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى أَوَّلِ الْأَمْرِ أَوْ مُخْتَصٌّ بِالْكُفَّارِ (وَأَنَا مُسْتَشْفَعُهُمْ) : بِفَتْحِ الْفَاءِ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ قَوْلِهِمْ: اسْتَشْفَعْتُ زَيْدًا إِلَى فُلَانٍ أَيْ: سَأَلْتُهُ أَنْ يَشْفَعَ إِلَيْهِ فَزَيْدٌ مُسْتَشْفَعٌ بِالْفَتْحِ، وَفُلَانٌ مُسْتَشْفَعٌ إِلَيْهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكَسْرِ الْفَاءِ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ أَيْ: أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ أَكُونَ شَفِيعًا لَهُمْ (إِذَا أَيِسُوا) أَيْ إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِمُ الْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ لِغَلَبَةِ الْخَوْفِ، فَفِي الْكَلَامِ نَوْعٌ مِنَ الِاسْتِخْدَامِ (الْكَرَامَةُ) ، بِالرَّفْعِ عَلَى مَا فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ (وَالْمَفَاتِيحُ: عَطْفٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ (يَوْمَئِذٍ) : ظَرْفٌ وَالْخَبَرُ (بِيَدِي) ، وَهُوَ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ أَيْ: أَمْرُ الْكَرَامَةِ بِأَنْوَاعِ الشَّفَاعَةِ وَمَفَاتِيحِ كُلِّ خَيْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِتَصَرُّفِي، وَفِي نُسْخَةٍ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى التَّثْنِيَةِ لِلْمُبَالَغَةِ أَوْ لِلتَّوْزِيعِ وَالتَّنْوِيعِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَصِلُ أَنْوَاعُ اللُّطْفِ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَهْلِ الْعَرَصَاتِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ بِوَاسِطَةِ شَفَاعَتِهِ الْعَامَّةِ فِي الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ تَحْتَ اللِّوَاءِ الْمَمْدُودِ عِنْدَ الْحَوْضِ الْمَوْرُودِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِنَصْبِ الْكَرَامَةِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ أَيِسُوا وَبِيَدِي خَيْرُ الْمَفَاتِيحِ فَقَطْ، أَيْ: إِذْ قَنَطُوا مِنْ حُصُولِ الْكَرَامَةِ، وَوَقَعُوا فِي وُصُولِ النَّدَامَةِ. (وَلِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي بِسُكُونِ الْيَاءِ (وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي) ، وَسَبَقَ أَنَّهُ أَكْرَمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ عَلَى اللَّهِ (يَطُوفُ عَلَيَّ) أَيْ: يَدُورُ حَوْلِي (أَلْفُ خَادِمٍ كَأَنَّهُمْ بَيْضٌ مُكْنُونٌ) أَيْ: مَصُونٌ عَنِ الْغُبَارِ، وَقِيلَ: شَبَّهَهُمْ بِبَيْضِ النَّعَامِ فِي الصَّفَاءِ وَالْبَيَاضِ الْمَخْلُوطِ بِأَدْنَى صُفْرَةٍ، فَإِنَّهُ أَحْسَنُ أَلْوَانِ الْأَبْدَانِ: قُلْتُ: هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَوْلَادِ الْعَرَبِ بِخِلَافِ طِبَاعِ أَهْلِ الشَّامِ وَحَلَبَ وَطَائِفَةِ الْأَعْجَامِ وَجَمَاعَةِ الْأَرْوَامِ، فَإِنَّ الْأَحْسَنَ عِنْدَهُمْ هُوَ الْبَيَاضُ الْمَشُوبُ بِحُمْرَةٍ عَلَى مَا وَرَدَ فِي شَمَائِلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي مَدْحِ الْحُورِ الْعِينِ {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: ٥٨] حَيْثُ فُسِّرَ الْمَرْجَانُ بِاللُّؤْلُؤِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَوْ لُؤْلُؤٌ مَنْثُورٌ عَلَى أَنَّ " أَوْ " لِلتَّخْيِيرِ فِي التَّشْبِيهِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ بِالْمَنْثُورِ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي النَّظَرِ مِنَ الْمَنْظُومِ، مَعَ أَنَّ النَّثْرَ يُنَاسِبُ تَفَرُّقَ الْخَدَمِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ، وَقَالَ شَارِحٌ قَوْلُهُ: بَيْضٌ مُكْنُونٌ أَيْ لُؤْلُؤٌ مَسْتُورٌ فِي صَدَفِهِ لَمْ تَمَسُّهُ الْأَيْدِي، أَوْ لُؤْلُؤٌ مَنْثُورٌ، أَوْ لِشَكِّ الرَّاوِي (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ عَلَى مَا فِي الْجَامِعِ: ( «أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجًا إِذَا بُعِثُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا وَفَدُوا، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا أَيِسُوا، لِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي وَلَا فَخْرَ» ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute