٥٨٢٢ - «وَعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ وَقَالَتْ كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ وَيَحْلُبُ شَاتَهُ وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
٥٨٢٢ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْصِفُ) : بِكَسْرِ الصَّادِ أَيْ: يَخْرُزُ وَيُرَقِّعُ، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ أَيْ: يُطْبِقُ طَاقَةً عَلَى طَاقَةٍ، وَأَصْلُ الْخَصْفِ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف: ٢٢] أَيْ يُطْبِقَانِ وَرَقَةً وَرَقَةً عَلَى بَدَنِهِمَا. (وَيَخِيطُ) : بِكَسْرِ الْخَاءِ ثَوْبَهُ، (وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ) ، تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ. وَفِي الْجَامِعِ بِرِوَايَةِ أَحْمَدَ، عَنْ عَائِشَةَ: كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ. (وَقَالَتْ: كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ، يَفْلِي ثَوْبَهُ) ، بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ: يَنْظُرُ فِي الثَّوْبِ هَلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْقَمْلِ؟ وَهُوَ لَا يُنَافِي مَا رُوِيَ: مِنْ أَنَّ الْقَمْلَ لَمْ يَكُنْ يُؤْذِيهِ. وَقَالَ شَارِحٌ أَيْ: يَلْتَقِطُ الْقَمْلَ (وَيَحْلِبُ شَاتَهُ) ، بِضَمِّ اللَّامِ (وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ) . بِضَمِّ الدَّالِ وَيُكْسَرُ وَهُوَ تَعْمِيمٌ وَتَتْمِيمٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ، قَوْلُهَا: كَانَ بَشَرًا تَمْهِيدًا لِمَا بَعْدَهُ، لِأَنَّهُ لَمَّا رَأَتْ مِنِ اعْتِقَادِ الْكَفَّارِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَفْعَلُ غَيْرُهُ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ وَجَعَلُوهُ كَالْمُلُوكِ؟ فَإِنَّهُمْ يَتَرَفَّعُونَ عَنِ الْأَفْعَالِ الْعَادِيَّةِ الدَّنِيَّةِ تَكَبُّرًا، كَمَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ: {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان: ٧] فَقَالَتْ: إِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ خَلْقًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَوَاحِدًا مِنْ أَوْلَادِ آدَمَ، شَرَّفَهُ اللَّهُ بِالنُّبُوَّةِ، وَكَرَّمَهُ بِالرِّسَالَةِ، وَكَانَ يَعِيشُ مَعَ الْخَلْقِ بِالْخُلُقِ، وَمَعَ الْحَقِّ بِالصِّدْقِ، فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلُوا، وَيُعِينُهُمْ فِي أَفْعَالِهِمْ تَوَاضُعًا وَإِرْشَادًا لَهُمْ إِلَى التَّوَاضُعِ، وَرَفْعِ التَّرَفُّعِ، وَتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ مِنَ الْحَقِّ إِلَى الْخَلْقِ، كَمَا أَمَرَ. قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} [الكهف: ١١٠] . (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) . وَكَذَا ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ. وَفِي الْجَامِعِ: كَانَ يَأْتِي ضُعَفَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَيَزُورُهُمْ، وَيَعُودُ مَرْضَاهُمْ، وَيَشْهَدُ جَنَائِزَهُمْ. رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute