٤٨١ - وَصَحَّ عَنْ عَلْقَمَةَ، «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٤٨١ - (وَصَحَّ عَنْ عَلْقَمَةَ، «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ) : أَيْ: فَلَمْ يَكُنْ مَا رُوِيَ عَنْهُ ثَابِتًا، وَلَئِنْ ثَبَتَ فَلَمْ يَكُنْ مُتَغَيِّرًا بَلْ كَانَ مُعَدًّا لِلشُّرْبِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ لِيَجْتَذِبَ مُلُوحَةَ مَائِهِمْ، فَيَكُونُ أَوْفَقَ وَأَنْفَعَ لِأَمْزِجَتِهِمْ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ صِحَّةِ حَدِيثِ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَعَلَى مَا ذَكَرَهُ، لَكُنَّا نَقُولُ: يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عِنْدَ مُعَارَضَةِ الْجِنِّ وَدُعَائِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَكَانَ قَدْ خَرَجَ مَعَهُ بِمَدْرَجَتِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ فَخَطَّ لِي خَطًّا، وَأَجْلَسَنِي فِيهِ، وَقَالَ: (" لَا تَخْرُجْ مِنْ هَذَا ") فَبِتُّ حَتَّى أَتَانِي مَعَ السَّحَرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَوَّلًا حِينَ خَرَجَ ثُمَّ لَحِقَهُ آخِرًا، وَهَذَا الْوَجْهُ أَوْفَقُ لِمَا فِي بَعْضِ طُرِقِ حَدِيثِ عَلْقَمَةَ، «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَنَّ عَلْقَمَةَ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ مَسْعُودٍ: هَلْ صَحِبَهُ أَحَدٌ مِنْكُمْ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّا فَقَدْنَاهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِمَكَّةَ فَقُلْنَا: اغْتِيلَ اسْتُطِيرَ مَا فَعَلَ؟ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ، فَإِذَا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ إِذَا نَحْنُ بِهِ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِ حِرَاءٍ ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ» . وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ قَوْلِهِ: لَيْلَةَ الْجِنِّ ; لِأَنَّ سَحَرَهَا مِنْهَا، وَتَعْلِيلُ تَرْكِ الْعَمَلِ بِحَدِيثِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِمَكَّةَ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْأَحْكَامِ وَنُزُولِ الْمَائِدَةِ بِسِنِينَ كَثِيرَةٍ أَوْجَهُ مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَى رَدِّ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ لَيْلَةِ الْجِنِّ؟ فَقَالَ: مَا شَهِدَهَا مِنَّا أَحَدٌ، فَهُوَ مُعَارَضٌ بِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ، وَرَوَى أَيْضًا أَبُو حَفْصٍ بْنُ شَاهِينَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ، وَعَنْهُ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا مِنَ الزُّطِّ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَشْبَهُ مَنْ رَأَيْتُ بِالْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ، وَالْإِثْبَاتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّفْيِ، وَإِنْ جَمْعَنَا فَالْمُرَادُ مَا شَهِدَهَا مِنَّا أَحَدٌ غَيْرِي نَفْيًا لِمُشَارَكَتِهِمْ وَإِبَانَةَ اخْتِصَاصِهِ بِذَلِكَ. وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ أَكْمَامِ الْمَرْجَانِ فِي أَحْكَامِ الْجَانِّ: أَنَّ ظَاهِرَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي وِفَادَةِ الْجِنِّ أَنَّهَا كَانَتْ سِتَّ مَرَّاتٍ، وَذَكَرَ مِنْهَا مَرَّةً فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ قَدْ حَضَرَهَا ابْنُ مَسْعُودٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَرَّتَيْنِ بِمَكَّةَ وَمَرَّةً رَابِعَةً خَارِجَ الْمَدِينَةِ حَضَرَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، فَعَلَى هَذَا لَا يُقْطَعُ بِالنَّسْخِ اهـ.
وَفَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ قَالَ: التَّوَضُّؤُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ جَائِزٌ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَشْرِبَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، وَيُتَيَمَّمُ مَعَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ يَتَوَضَّأُ وَلَا يَتَيَمَّمُ، وَفِي رِوَايَةٍ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ، وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ، وَرَوَى نُوحٌ الْجَامِعُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْخِزَانَةِ: قَالَ مَشَايِخُنَا: إِنَّمَا اخْتَلَفَ أَجْوِبَتُهُ لِاخْتِلَافِ السَّائِلِ. وَسُئِلَ مَرَّةً: إِنْ كَانَ الْمَاءُ غَالِبًا؟ قَالَ: يَتَوَضَّأُ. وَسُئِلَ مَرَّةً: إِنْ كَانَتِ الْحَلَاوَةُ غَالِبَةً لَمْ يَتَيَمَّمْ وَلَا يَتَوَضَّأْ. وَسُئِلَ مَرَّةً: إِذَا لَمْ يَدْرِ أَيُّهَا الْغَالِبُ؟ قَالَ: يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا. فَقَوْلُ ابْنُ حَجَرٍ فَلَا يُحْتَجُّ بِرِوَايَةِ هَذِهِ عَلَى جَوَازِ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ، وَإِنْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالنَّوَوِيُّ بِجَوَازِهِ فِي السَّفَرِ عِنْدَ فُقْدَانِ الْمَاءِ، وَلَمْ يُبَالِيَا بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute