٤٨٢ - «وَعَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ - أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَسَكَبَتْ لَهُ وَضُوءًا، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ مِنْهُ، فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ، قَالَتْ كَبْشَةُ: فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ أَوِ الطَّوَّافَاتِ» ".
رَوَاهُ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارِمِيُّ.
ــ
٤٨٢ - (وَعَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ) : أَنْصَارِيٌّ خَزْرَجَيٌّ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: هِيَ زَوْجَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدِيثُهَا فِي سُؤْرِ الْهِرَّةِ، رَوَتْ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، وَعَنْهَا حُمَيْدَةُ بِنْتُ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ (وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ) : وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٌّ الْأَنْصَارِيُّ، فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْمُ ابْنِهِ: عَبْدُ اللَّهِ، وَالْمَعْنَى: كَانَتْ زَوْجَةَ وَلَدِهِ (أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا) : أَيْ: عَلَى كَبْشَةَ (فَسَكَبَتْ) أَيْ: كَبْشَةُ، يَعْنِي: صَبَّتْ، وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ: بِضَمِّ التَّاءِ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ، وَيَجُوزُ السُّكُونُ عَلَى التَّأْنِيثِ اهـ. لَكِنَّ أَكْثَرَ النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ الْمُصَحَّحَةِ بِالتَّأْنِيثِ، وَيُؤَيِّدُ الْمُتَكَلِّمَ مَا فِي الْمَصَابِيحِ قَالَتْ: فَسَكَبَتْ (لَهُ) : أَيْ: لِأَبِي قَتَادَةَ (وَضُوءًا) بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ: مَاءَ الْوُضُوءِ فِي إِنَاءٍ (فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ مِنْهُ) : حَالٌ أَوْ صِلَةٌ (فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ) : أَيْ: أَمَالَهُ إِلَيْهَا (حَتَّى شَرِبَتْ) : أَيْ: سَهْلًا (قَالَتْ كَبْشَةُ: فَرَآنِي) : أَيْ: أَبُو قَتَادَةَ (أَنْظُرُ إِلَيْهِ) : أَيْ: إِلَى فِعْلِهِ مُتَعَجِّبَةً (فَقَالَ: أَتَعْجَبِينَ) : أَيْ: بِشُرْبِهَا مِنْ وَضُوئِي (يَا ابْنَةَ أَخِي؟) : هَذَا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ ; أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ: يَا ابْنَ أَخِي، وَإِنْ كَانَا ابْنَا عَمَّيْنِ، وَيَا أَخَا فُلَانٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخًا لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَيَجُوزُ فِي تَعَارُفِ الشَّرْعِ ; لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِخْوَةٌ، وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ - مُرَادُهُ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ - تَعْلِيلٌ غَيْرُ صَحِيحٍ ; لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ، بَلْ لِكَوْنِهَا بِنْتَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ (قَالَتْ: فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّهَا ") : أَيِ: الْهِرَّةُ أَوْ سُؤْرُهَا (" لَيْسَتْ بِنَجَسٍ ") : مَصْدَرٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَلَوْ قِيلَ بِكَسْرِ الْجِيمِ لَقِيلَ بِنَجِسَةٍ ; لِأَنَّهَا صِفَةُ الْهِرَّةِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَذَكَرَ الْكَازَرُونِيُّ أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ قَالَ: هُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَالنَّجَسُ النَّجَاسَةُ، فَالتَّقْدِيرُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِذَاتِ نَجَسٍ، وَفِيمَا سَمِعْنَا وَقَرَأْنَا عَلَى مَشَايِخِنَا هُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ أَيْ: لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ، وَلَمْ يَلْحَقِ التَّاءَ نَظَرًا إِلَى أَنَّهَا فِي مَعْنَى السُّؤْرِ اهـ. وَأَكْثَرُ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ عَلَى الْأَوَّلِ، فَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ ; لِأَنَّ النَّجَسَ بِالْفَتْحِ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ عَيْنُ النَّجَاسَةِ، وَبِالْكَسْرِ الْمُتَنَجَّسُ (" إِنَّهَا ") : اسْتِئْنَافٌ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيلِ أَيْ: لِأَنَّهَا (" مِنَ الطَّوَّافِينَ ") : الطَّائِفُ الَّذِي يَخْدِمُكَ بِرِفْقٍ شَبَّهَهَا بِالْمَمَالِيكِ وَخَدَمَةِ الْبَيْتِ الَّذِينَ يَطُوفُونَ لِلْخِدْمَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النور: ٥٨] وَأَلْحَقَهَا بِهِمْ ; لِأَنَّهَا خَادِمَةٌ أَيْضًا حَيْثُ تَقْتُلُ الْمُؤْذِيَاتِ، أَوْ لِأَنَّ الْأَجْرَ فِي مُوَاسَاتِهَا كَمَا فِي مُوَاسَاتِهِمْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُؤْرَهَا طَاهِرٌ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ: " إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ " مِنْ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ إِشْعَارًا بِالْعِلِّيَّةِ، فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute