للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْبَعِيرِ) ؟ أَيْ مَالِكُهُ (فَجَاءَهُ فَقَالَ: بِعْنِيهِ، فَقَالَ: بَلْ نَهَبُهُ لَكَ) ، أَيْ: لَا نَبِيعُهُ إِيَّاكَ بَلْ نُعْطِيكَ هِبَةً (يَا رَسُولَ اللَّهِ) ! فَإِنَّ رِسَالَتَكَ تَقْتَضِي جَلَالَتَكَ (وَإِنَّهُ) : بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَالضَّمِيرُ لِلْبَعِيرِ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ (لِأَهْلِ بَيْتٍ) : أَرَادَ نَفْسَهُ وَعِيَالَهُ (مَا لَهُمْ مَعِيشَةٌ) أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ مَا يَعِيشُونَ بِهِ (غَيْرُهُ. قَالَ: أَمَّا) : بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِتَخْفِيفِهَا عَلَى أَنَّهَا لِلتَّنْبِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِقَوْلِهِ: (إِذَا ذَكَرْتَ هَذَا مِنْ أَمْرِهِ) ، أَيْ: فَاعْلَمْ أَنِّي مَا طَلَبْتُ شِرَاءَهُ إِلَّا لِتَخْلِيصِهِ لَا لِغَرَضٍ آخَرَ بِهِ (فَإِنَّهُ شَكَا كَثْرَةَ الْعَمَلِ وَقِلَّةَ الْعَلَفِ) ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ بِأَنِ امْتَنَعَ الْبَيْعُ (فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِ) ، أَيْ: بِكَثْرَةِ الْعَلَفِ وَقِلَّةِ الْعَمَلِ مَعَ جَوَازِ كَثْرَتِهِمَا وَقِلَّتِهِمَا، إِذِ الظُّلْمُ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ كَثْرَةِ الْعَمَلِ وَقِلَّةِ الْعَلَفِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: جَوَابُ أَمَّا مَحْذُوفٌ، وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ شَكَا جَوَابُ لَا، مَا الْمُقَدَّرَةُ تَقْدِيرُهُ، أَمَّا إِذَا ذَكَرْتَ أَنَّ الْبَعِيرَ لِأَهْلِ بَيْتٍ مَا لَهُمْ مَعِيشَةٌ فَلَا أَلْتَمِسُ شِرَاءَهُ، وَأَمَّا الْبَعِيرُ فَتَعَاهَدُوهُ فَإِنَّهُ اشْتَكَى إِذْ لَا بَدَلًا، مَا التَّفْصِيلِيَّةُ مِنَ التَّكْرَارِ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ جَوَابَ أَمَّا الْمُقَدَّرَةِ فَتَعَاهَدُوهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّهُ شَكَا فَإِنَّهُ عِلَّةٌ لِلْجَوَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

وَفِي الْمُغْنِي: أَمَّا بِالْفَتْحِ وَالتَّشْدِيدِ هِيَ حَرْفُ شَرْطٍ وَتَفْصِيلٍ وَتَأْكِيدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ تَأْتِي لِغَيْرِ تَفْصِيلٍ أَصْلًا نَحْوُ: أَمَّا يَزِيدُ فَمُنْطَلِقٌ، وَأَمَّا التَّأْكِيدُ فَقَلَّ مَنْ ذَكَرَهُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ أَحْكَمَ شَرْحَهُ غَيْرَ الزَّمَخْشَرِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ فَائِدَةٌ، أَمَّا فِي الْكَلَامِ أَنْ يُعْطِيَهُ فَضْلَ تَأْكِيدٍ تَقُولُ: يَزِيدُ ذَاهِبٌ، فَإِذَا قَصَدْتَ تَأْكِيدَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا مَحَالَةَ ذَاهِبٌ، وَأَنَّهُ بِصَدَدِ الذَّهَابِ، وَأَنَّهُ مِنْهُ عَزِيمَةٌ. قُلْتُ: أَمَّا يَزِيدُ فَذَاهِبٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ سِيبَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ: مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ فَزَيْدٌ ذَاهِبٌ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ يَدُلُّ بِفَائِدَتَيْنِ بَيَانُ كَوْنِهِ تَأْكِيدًا وَأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ. (ثُمَّ سِرْنَا) ، أَيْ: سَافَرْنَا أَوْ تَحَوَّلْنَا مِنْ مَكَانِنَا (حَتَّى نَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَنَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَتْ شَجَرَةٌ تَشُقُّ الْأَرْضَ) ، أَيْ: تَقْطَعُهَا (حَتَّى غَشِيَتْهُ) ، أَيْ أَتَتْهُ وَأَظَلَّتْهُ (ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرْتُ لَهُ) أَيْ أَنَا. وَفِي نُسْخَةٍ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: ذُكِرَتِ الْقَضِيَّةُ لَهُ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ احْتِمَالَيْنِ. (فَقَالَ: هِيَ شَجَرَةٌ اسْتَأْذَنَتْ رَبَّهَا فِي أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَأَذِنَ لَهَا) . أَيْ فَجَاءَتْ لِلسَّلَامِ.

(قَالَ) ، أَيْ: يَعْلَى (ثُمَّ سِرْنَا فَمَرَرْنَا بِمَاءٍ) ، أَيْ: بِمَوْضِعِ مَاءٍ فِيهِ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِهِ، وَقَالَ شَارِحٌ، أَيْ: بِقَبِيلَةٍ (فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ بِابْنٍ لَهَا بِهِ جِنَّةٌ) : بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ جُنُونٍ (فَأَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَنْخِرِهِ) : بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فِي النُّسَخِ كُلِّهَا. وَفِي الْقَامُوسِ: الْمَنْخِرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْخَاءِ وَبِكَسْرِهِمَا وَضَمِّهِمَا وَكَمَجْلِسٍ الْأَنْفُ (ثُمَّ قَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمَجْنُونِ أَوِ الشَّيْطَانِ الَّذِي فِيهِ (اخْرُجْ) ، أَيْ: مِنْهُ (فَإِنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ سِرْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مَرَرْنَا بِذَلِكَ الْمَاءِ فَسَأَلَهَا) ، أَيِ: الْمَرْأَةَ (عَنِ الصَّبِيِّ، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْنَا مِنْهُ) ، أَيْ: مِنَ الصَّبِيِّ (رَيْبًا) : بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ أَيْ شَيْئًا نَكْرَهُهُ (بَعْدَكَ) ، أَيْ: بَعْدَ مُفَارَقَتِكَ أَوْ بَعْدَ دُعَائِكَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور: ٣٠] أَيْ حَوَادِثَ الدَّهْرِ، وَقِيلَ: مَا رَأَيْنَا مِنْهُ مَا أَوْقَعَنَا فِي شَكٍّ مِنْ حَالِهِ وَتَضَجُّرِنَا مِنْ أَمْرِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: ٢] (رَوَاهُ) أَيِ: الْبَغَوِيُّ (فِي شَرْحِ السُّنَّةِ) ، أَيْ: بِإِسْنَادِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>