للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٩٢٨ - وَعَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَتَدَاوَلُ مِنْ قَصْعَةٍ، مِنْ غُدْوَةٍ حَتَّى اللَّيْلِ، يَقُومُ عَشَرَةٌ وَيَقْعُدُ عَشَرَةٌ قُلْنَا: فَمِمَّا كَانَتْ تُمَدُّ؟ قَالَ: مِنْ أَيْ شَيْءٍ تَعْجَبُ؟ مَا كَانَتْ تُمَدُّ إِلَّا مِنْ هَاهُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاءِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ.

ــ

٥٩٢٨ - (وَعَنْ أَبِي الْعَلَاءِ) : بِفَتْحِ الْعَيْنِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ، فِي فَصْلِ التَّابِعِينَ: اسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، (عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ) : تَقَدَّمَ ضَبْطُهُمَا وَسَبَقَ ذِكْرُهُمَا (قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَتَدَاوَلُ) : يُقَالُ: تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي، أَيْ: تَنَاوَلَتْهُ، يَعْنِي أَخَذَتْهُ هَذِهِ مَرَّةً، وَهَذِهِ مَرَّةً ذَكَرَهُ شَارِحٌ، فَالْمَعْنَى نَتَنَاوَبُ أَخْذَ الطَّعَامِ وَأَكْلَهُ (مِنْ قَصْعَةٍ) ، بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ مِنْ صَحْفَةٍ كَبِيرَةٍ (مِنْ غُدْوَةٍ) : بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَيَجُوزُ بِفَتْحَتَيْنِ فَأَلِفٍ أَيْ: مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ (حَتَّى اللَّيْلِ) ، أَيْ: إِلَى دُخُولِ الْعَشِيَّةِ (يَقُومُ عَشَرَةٌ) ، أَيْ: بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنَ الْأَكْلِ مِنْهَا (وَيَقْعُدُ عَشَرَةٌ) ، أَيْ: لِلتَّنَاوُلِ مِنْهَا (قُلْنَا) ، أَيْ: لِسَمُرَةَ (فَمِمَّا كَانَتْ تُمَدُّ) ؟ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْإِمْدَادِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمِنَ الْمَدَدِ مِنْ قَوْلِهِ: مَدَّ السِّرَاجَ بِالزَّيْتِ، وَالْمَعْنَى فَأَيُّ شَيْءٍ كَانَتِ الْقَصْعَةُ تُمَدُّ مِنْهُ وَتُزَادُ فِيهِ، وَمِنْ أَيْنَ يَكْثُرُ الطَّعَامُ فِيهَا طُولَ النَّهَارِ؟ وَلَمَّا كَانَ فِي هَذَا السُّؤَالِ نَوْعٌ مِنَ التَّعَجُّبِ. (قَالَ) ، أَيْ: سَمُرَةُ (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَعْجَبُ) ؟ وَالْخِطَابُ لِأَبِي الْعَلَاءِ مِنْ جُمْلَةِ الْقَائِلِينَ، فَإِنَّهُ مِنْ رُؤَسَاءِ التَّابِعِينَ، أَوِ الْمُرَادُ خِطَابُ الْعَامِّ، وَالْمَعْنَى لَا تَعْجَبْ أَيُّهَا الْمُخَاطَبُ (مَا كَانَتْ تُمَدُّ إِلَّا مِنْ هَاهُنَا، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاءِ) : وَالْمَعْنَى لَا تَكُونُ كَثْرَةُ الطَّعَامِ فِيهَا إِلَّا مِنْ عَالَمِ الْعَلَاءِ بِنُزُولِ الْبَرَكَةِ فِيهَا مِنَ السَّمَاءِ، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} [الذاريات: ٢٢] وَهَذَا ظَاهِرُ شَرْحِ الْكَلَامِ عَلَى وَفْقِ الْمَرَامِ، وَقَالَ شَارِحٌ: ضَمِيرُ قَالَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمُظْهِرُ، وَمَنْ تَبِعَهُ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَائِلَ سَمُرَةُ، وَالسَّائِلَ أَبُو الْعَلَاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>