٥٩٧٢ - وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ دَخَلَ عَلَى أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَقَالَ: أَلَا أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: بَلَى حَدِّثْنَا عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -! قَالَ: «لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَاهُ جِبْرَئِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ تَكْرِيمًا لَكَ، وَتَشْرِيفًا لَكَ، خَاصَّةً لَكَ يَسْأَلُكَ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ، يَقُولُ: كَيْفَ تَجِدُكَ، قَالَ: أَجِدُنِي يَا جِبْرَئِيلُ! مَغْمُومًا، وَأَجِدُنِي يَا جِبْرَئِيلُ! مَكْرُوبًا) . ثُمَّ جَاءَهُ الْيَوْمُ الثَّانِي، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَدَّ أَوَّلَ يَوْمٍ، ثُمَّ جَاءَهُ الْيَوْمَ الثَّالِثَ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ يَوْمٍ، وَرَدَّ عَلَيْهِ كَمَا رَدَّ عَلَيْهِ، وَجَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ: إِسْمَاعِيلُ عَلَى مِائَةِ أَلْفِ مَلَكٍ، كُلُّ مَلَكٍ عَلَى مِائَةِ أَلْفِ مَلَكٍ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ. مَا اسْتَأْذَنَ عَلَى آدَمِيٍّ قَبْلَكَ، وَلَا يَسْتَأْذِنُ عَلَى آدَمِيٍّ بَعْدَكَ. فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُ، فَأَذِنَ لَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ، فَإِنْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَقْبِضَ رُوحَكَ قَبَضْتُ، وَإِنْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَتْرُكَهُ تَرَكْتُهُ فَقَالَ: وَتَفْعَلُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: نَعَمْ، بِذَلِكَ أُمِرْتُ، وَأُمِرْتُ أَنْ أُطِيعَكَ، قَالَ: فَنَطَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى جِبْرَئِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ جِبْرَئِيلُ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللَّهَ قَدِ اشْتَاقَ إِلَى لِقَائِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَلَكِ الْمَوْتِ: (امْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ) فَقَبَضَ رُوحَهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَاءَتِ التَّعْزِيَةُ سَمِعُوا صَوْتًا مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، إِنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ، وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ، فَبِاللَّهِ فَاتَّقُوا، وَإِيَّاهُ فَارْجُوا، فَإِنَّمَا الْمُصَابُ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ. فَقَالَ عَلِيٌّ: أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ هُوَ الْخَضِرُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ» - رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي (دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ) .
ــ
٥٩٧٢ - (وَعَنْ جَعْفَرٍ) ، أَيِ: الصَّادِقِ (ابْنِ مُحَمَّدٍ) : الْبَاقِرِ (عَنْ أَبِيهِ) ، أَيْ: مُحَمَّدٍ (أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ دَخَلَ عَلَى أَبِيهِ) ، أَيْ: أَبِي مُحَمَّدٍ (عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ) ، بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ لِأَبِيهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ زَيْنُ الْعَابِدِينَ (فَقَالَ) ، أَيْ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (أَلَا أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ) ، أَيِ: الرَّجُلُ (بَلَى حَدِّثْنَا عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ) ، أَيْ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ مُرْسَلًا فَإِنَّهُ مِنْ أَجِلَّاءِ التَّابِعِينَ (لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَاهُ جِبْرِيلُ) ، أَيْ: لِلْعِيَادَةِ وَالرِّسَالَةِ (فَقَالَ: (يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ تَكْرِيمًا لَكَ وَتَشْرِيفًا لَكَ) ، أَيْ: تَعْظِيمًا (خَاصَّةً لَكَ) ، أَيْ: فِي قَوْلِهِ (يَسْأَلُكَ) ، أَيِ: اللَّهُ سُبْحَانَهُ (عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ) ، أَيْ: فَإِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْمُرِيدِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (وَيَقُولُ: كَيْفَ تَجِدُكَ) ؟ أَيْ مِنَ الْأَحْوَالِ (قَالَ: (أَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَغْمُومًا) ، أَيْ: مَهْمُومًا (وَأَجِدُنِي يَا جِبْرِيلُ مَكْرُوبًا) ، أَيْ: مَحْزُونًا وَإِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ، وَأَقُولُ فِي كُلِّ حَالٍ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، (ثُمَّ جَاءَهُ الْيَوْمَ الثَّانِي) ، أَيْ جِبْرِيلُ (فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ) ، أَيْ مَا سَبَقَ مِنَ السُّؤَالِ (فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا رَدَّ أَوَّلَ يَوْمٍ) ، أَيْ مِنْ بَيَانِ الْحَالِ (ثُمَّ جَاءَهُ الْيَوْمَ الثَّالِثَ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ يَوْمٍ) ، أَيْ أَسْبَقَهُ حَقِيقَةً أَوْ إِضَافَةً (وَرَدَّ عَلَيْهِ كَمَا رَدَّ عَلَيْهِ) ، أَيْ فِيمَا تَقَدَّمَ (وَجَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ) ، أَيْ: فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ يَوْمًا آخَرَ (يُقَالُ لَهُ: إِسْمَاعِيلُ عَلَى مِائَةِ أَلْفِ مَلَكٍ) ، أَيْ حَاكِمٍ (كُلُّ مَلَكٍ عَلَى أَلْفِ مِائَةِ مَلَكٍ) ، أَيْ أَمِيرٍ (فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ) ، أَيْ بِالدُّخُولِ (فَسَأَلَهُ) ، أَيْ جِبْرِيلَ (عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ) ، أَيْ: فَقَالَ أَوْ بَعْدَ تَأَمُّلٍ قَالَ (جِبْرِيلُ: هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ) . أَيْ بِالدُّخُولِ (مَا اسْتَأْذَنَ عَلَى آدَمِيِّ قَبْلَكَ) ، أَيْ: مِنَ الْأَنْبِيَاءِ (وَلَا يَسْتَأْذِنُ عَلَى آدَمِيٍّ بَعْدَكَ) ، أَيْ: مِنَ الْأَوْلِيَاءِ بِالْأَوْلَى (فَقَالَ) ، أَيْ: لِجِبْرِيلَ (ائْذَنْ لَهُ) فَأَذِنَ لَهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) ، أَيْ فَرَدَّ عَلَيْهِ (ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ) ، أَيْ: حَتَّى أَعْرِضَ الْأَمْرَ عَلَيْكَ (فَإِنْ أَمَرْتَنِي، أَنْ أَقْبِضَ رُوحَكَ قَبَضْتُ، وَإِنْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَتْرُكَهُ تَرَكْتُهُ) : وَالرُّوحُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَفِي نُسْخَةٍ بِتَرْكِ الضَّمِيرَيْنِ (فَقَالَ: وَتَفْعَلُ) ، أَيْ: أَوَتَفْعَلُ مَأْمُورِي (يَا مَلَكَ الْمَوْتِ) . قَالَ: نَعَمْ، بِذَلِكَ) ، أَيْ: بِتَخْيِيرِكَ (أُمِرْتُ وَأُمِرْتُ أَنْ أُطِيعَكَ) ، أَيْ فِيمَا اخْتَرْتَ بِهِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الطِّيبِيِّ قَوْلُهُ: وَأُمِرَتْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِذَلِكَ أُمِرْتُ أَيْ: بِقَبْضِ رُوحِكَ مِنَ الْعَطْفِ الْمُخَصَّصِ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. (قَالَ) ، أَيْ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (فَنَظَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) ، أَيْ كَالْمُسْتَشِيرِ إِلَيْهِ (فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدِ اشْتَاقَ إِلَى لِقَائِكَ) ، أَيْ: وَإِلَّا لَمَا أَرْسَلَ إِلَى مُوجِبِ عَنَائِكَ (فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَلَكِ الْمَوْتِ: (امْضِ) : بِكَسْرِ هَمْزِ الْوَصْلِ وَالضَّادِ أَيِ: انْفُذْ (لِمَا أُمِرْتَ بِهِ) . وَلَا تَتَوَقَّفْ فِيهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَإِلَى هَاهُنَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ الْوَفَاءِ، وَذَكَرَ بَعْدَهُ فَقَالَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا آخِرُ مَوْطِئِي الْأَرْضَ إِنَّمَا كُنْتَ حَاجَتِي فِي الدُّنْيَا فَقَبَضَ رُوحَهُ، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. (فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَاءَتِ التَّعْزِيَةُ) ، أَيْ: مِنْ كُلِّ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ (سَمِعُوا صَوْتًا مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ: السَّلَامُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute