للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٠١٨ - وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ ( «سَأَلْتُ رَبِّي عَنِ اخْتِلَافِ أَصْحَابِي مِنْ بَعْدِي، فَأَوْحَى إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ أَصْحَابَكَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، بَعْضُهَا أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ، وَلِكُلٍّ نُورٌ، فَمَنْ أَخَذَ بِشَيْءٍ مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ فَهُوَ عِنْدِي عَلَى هُدًى» ) قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ، فَبِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» ) . رَوَاهُ رَزِينٌ.

ــ

٦٠١٨ - (وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: (سَأَلْتُ رَبِّي عَنِ اخْتِلَافِ أَصْحَابِي) أَيْ: عَنْ حِكْمَةِ تَخَالُفِهِمْ فِي فُرُوعِ الشَّرَائِعِ (مِنْ بَعْدِي، فَأَوْحَى) أَيِ: اللَّهُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ أَصْحَابَكَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ) أَيْ: فِي إِظْهَارِ الْهِدَايَةِ وَإِبْطَالِ الْغَوَايَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: ١٦] (بَعْضُهَا أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ) ، أَيْ: بِحَسَبِ مَرَاتِبِ أَنْوَارِهَا الْمُقَدَّرَةِ لَهَا (وَلِكُلٍّ نُورٌ) ، أَيْ: وَكَذَلِكَ لِكُلٍّ مِنَ الْأَصْحَابِ نُورٌ بِقَدْرِ اسْتِعْدَادِهِ (فَمَنْ أَخَذَ بِشَيْءٍ مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ) : بَيَانُ شَيْءٍ (مِنِ اخْتِلَافِهِمْ) : بَيَانُ مَا (فَهُوَ عِنْدِي عَلَى هُدًى) ، وَفِيهِ أَنَّ اخْتِلَافَ الْأَئِمَّةِ رَحْمَةٌ لِلْأُمَّةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُرَادُ بِهِ الِاخْتِلَافُ فِي الْفُرُوعِ لَا فِي الْأُصُولِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَهُوَ عِنْدِي عَلَى هُدًى. قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الِاخْتِلَافُ الَّذِي فِي الدِّينِ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ لِلْغَرَضِ الدُّنْيَوِيِّ، فَلَا يُشْكِلُ بِاخْتِلَافِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ فِي الْخِلَافَةِ وَالْإِمَارَةِ. قُلْتُ إِنَّ اخْتِلَافَ الْخِلَافَةِ أَيْضًا مِنْ بَابِ اخْتِلَافِ فُرُوعِ الدِّينِ النَّاشِئِ عَنِ اجْتِهَادِ كُلٍّ، لَا مِنَ الْغَرَضِ الدُّنْيَوِيِّ الصَّادِرِ عَنِ الْحَظِّ النَّفْسِيِّ، فَلَا يُقَاسِ الْمُلُوكُ بِالْحَدَّادِينَ (قَالَ) أَيْ: عُمَرُ (وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ» ) أَيْ: فَاقْتَدُوا بِهِمْ جَمِيعِهِمْ، أَوْ بِأَكْثَرِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ. (فَبِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ) . وَكَأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ هَذَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ: مَنْ تَبِعَ عَالِمًا لَقِيَ اللَّهَ سَالِمًا. (رَوَاهُ رَزِينٌ) .

قَالَ ابْنُ الرَّبِيعِ: اعْلَمْ أَنَّ الْحَدِيثَ: ( «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» ) أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ - كَذَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الشِّفَاءِ، وَلَمْ أَجِدْهُ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ - بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَاهٍ، بَلْ ذَكَرَ عَنِ ابْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ بَاطِلٌ، لَكِنْ ذُكِرَ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ حَدِيثَ مُسْلِمٍ يُؤَدِّي بَعْضُ مَعْنَاهُ يَعْنِي قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ» ) الْحَدِيثَ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: صَدَقَ الْبَيْهَقِيُّ هُوَ يُؤَدِّي صِحَّةَ التَّشْبِيهِ لِلصَّحَابَةِ بِالنُّجُومِ) أَمَّا فِي الِاقْتِدَاءِ فَلَا يَظْهَرُ، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُتَلَمَّحَ ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى الِاهْتِدَاءِ بِالنُّجُومِ، قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الِاهْتِدَاءَ فَرْعُ الِاقْتِدَاءِ. قَالَ: وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى الْفِتَنِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ انْقِرَاضِ الصَّحَابَةِ مِنْ طَمْسِ السُّنَنِ، وَظُهُورِ الْبِدَعِ، وَنَشْرِ الْجَوْرِ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ اه.

وَتَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ ابْنُ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْأَصْلِيِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُعْزِهِ لِابْنِ مَاجَهْ، وَذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ، وَلَفْظُهُ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَرْفُوعًا (سَأَلْتُ رَبِّي) الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: (اهْتَدَيْتُمْ) وَكَتَبَ بَعْدَهُ أَخْرَجَهُ، فَهُوَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا رَزِينٌ فِي تَجْرِيدِ الْأُصُولِ، وَلَمْ يَقِفْ عَلَيْهَا ابْنُ الْأَثِيرِ فِي الْأُصُولِ الْمَذْكُورَةِ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ وَقَالَ: أَخْرَجَهُ رَزِينٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>